طلب فتوى
البيعالضمانالفتاوىالمعاملات

ما حكم التزام البائع وضمانه تحمّل نقصِ السعرِ بعد بيعهِ للمشتري؟

ما حكم ما يسمى في التجارة حماية السعر؟

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (4707)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

نحن شركة تستورد المواد الغذائية ومواد التنظيف، ونقوم بتسويقها على محلات الجملة، مع تقديمِ عرضٍ لهم، وهو حماية السعر والصلاحية، بحيث إذا خَفّضت الشركة في سعر البضاعةِ، بأقلَّ مما باعت به للزبائن مِن قبل، تعوضُهم على ذلك، وتحاسِبُهُم بالسعر الجديد، وكذلك قبل انتهاء صلاحية البضاعة بشهرينِ، تخيِّرُ الشركةُ مَن اشترى منها، وبقيتْ عنده بضاعةٌ ذاتُ صلاحية قديمةِ؛ بين ردِّها إلى الشركة، أو استبدالها ببضاعةٍ ذاتِ صلاحيةٍ طويلة الأجلِ، فما حكم هذه المعاملة؟

الجواب:

الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإنّ التزامَ البائع وضمانَه تحمّل نقصِ السعرِ بعد بيعهِ للمشتري، هو مِن الشروطِ التي تفسدُ العقد؛ لأنّ هذا الالتزامَ والشرطَ يجعلهُ من عقودِ المخاطرة والغرر؛ فهو يؤولُ إلى جهالةٍ في الثمن، وقد نهى النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن الجهالة والغرر [مسلم: 1513]، وقال الإمام مالك رحمه الله: “فِي رَجُلٍ بَاعَ سِلْعَةً مِنْ رَجُلٍ عَلَى أَنَّهُ لَا نُقْصَانَ عَلَى الْمُبْتَاعِ، إِنَّ ذَلِكَ بَيْعٌ غَيْرُ جَائِزٍ، وَهُوَ مِنَ الْمُخَاطَرَةِ، وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنَّهُ كَأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ بِرِبْحٍ إِنْ كَانَ فِي تِلْكَ السِّلْعَةِ وَإِنْ بَاعَ بِرَأْسِ الْمَالِ أَوْ بِنُقْصَانٍ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَذَهَبَ عَنَاؤُهُ بَاطِلًا، فَهَذَا لَا يَصْلُحُ، وَلِلْمُبْتَاعِ فِي هَذَا أُجْرَةٌ بِمِقْدَارِ مَا عَالَجَ مِنْ ذَلِكَ، وَمَا كَانَ فِي تِلْكَ السِّلْعَةِ مِنْ نُقْصَانٍ أَوْ رِبْحٍ فَهُوَ لِلْبَائِعِ وَعَلَيْهِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ إِذَا فَاتَتْ السِّلْعَةُ وَبِيعَتْ، فَإِنْ لَمْ تَفُتْ فُسِخَ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا”[الموطأ: 4/962]، قال ابن عبد البر رحمه الله معلقًا: “هَذَا الْبَيْعُ لَا أَعْلَمُ خِلَافًا فِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِيهِ لِأَنَّ الثَّمَنَ فِيهِ مَجْهُولٌ [لِشَرْطِ] الْبَائِعِ لِلْمُبْتَاعِ أَنَّهُ مَا خَسِرَ فِيهِ وَانْحَطَّ مِنْ ثَمَنِهِ فَهُوَ ضَامِنٌ لَهُ وَذَلِكَ فِي عَقْدِ صَفْقَتِهِ فَهُوَ بَيْعٌ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ يَؤُولُ إِلَى ثَمَنٍ مَجْهُولٍ” [الاستذكار: 6/459].

وأما إن كانت حماية السعر من بائع السلعة متطوعاً بها بعد العقد، فهي عِدَةٌ وَعَدَ بها المشتري، فقيل يجب الوفاء بها وقيل لا يلزم، ولا تفسد العقد، قال ابن عبد البر رحمه الله: “وَأَمَّا قَوْلُهُ لَهُ بَعْدَ تَمَامِ الْبَيْعِ بِعْ وَلَا نُقْصَانَ عَلَيْكَ، فَهِيَ عِدَةٌ وَعَدَهُ بِهَا، وَقَدِ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي وُجُوبِهَا وَالْقَضَاءِ بِهَا” [الاستذكار: 6/459].

وكذلك ضمان الصلاحية إن كان مشروطاً في العقد، فإنه يفسد العقد، لما يترتب عليه من الغرر حيث إن البائع لا يعلم وقت البيع ما تم له بيعه بالفعل من سلعته التي تعاقد عليها وما لم يتم وأنّه سيرد له؛ لانتهاء صلاحيته، قبل أن يباع.

وعليه؛ فإن هذه المعاملةَ إن كانت مشروطةً ملتزماً بها عند التعاقد كما جاء في السؤال فهي باطلةٌ، ويفسدُ بها البيعُ، ويجبُ ردُّهُ، وبعد وقوع الأمر وحصول الممنوع فلمشتري السلعة من الشركة على هذه الصفة أجرة مثله، في توليه البيع، والسلعة باقية على ملك الشركة، لها ربحها وعليها خسرانها، والله أعلم.

وصلَّى الله على سيّدنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلَّم

 

                                 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد ميلاد قدور

حسن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

08//ربيع الآخر//1443هـ

14//11//2021م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق