طلب فتوى
الفتاوىالمسابقةالمعاملات

ما حكم المسابقة بين الخيول؟

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (3546)

 

ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:

ما حكم المسابقة بين الخيول، بأن يدفع كل متسابق قيمة الاشتراك، وتعطى جوائز للفائزين مما دفعه المتسابقون؟ علما بأنها كانت في السابق تتم بدفع كل متسابق قيمة الاشتراك، وتقوم مؤسسات الدولة المنظمة – كوزارة الرياضة أو اللجنة الأولمبية – بدفع جوائز للرابحين.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن المسابقات النافعة بدون دفع اشتراك ولا جوائز جائزةٌ، لا حرج فيها، فقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سابق بين الخيل، وبين الإبل، وبالرماية، وعلى الأقدام، ولكن إذا كانت بالعوض والرهان – وهو دفع اشتراك أو جوائز – لا تجوز، إلا فيما يستعان به على الحرب والجهاد في سبيل الله؛ كالسباق على الخيل والإبل، والرمي بالسهام ونحوها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا سبَق إلا في خف أو حافر أو نصل) [أصحاب السنن الأربعة]، والسبَق بفتح الباء: هو المال الذي يوضع بين أهل السباق.

وللمسابقة بمقابل ثلاث صور:

الأولى: أن يكون دافع المال ليس أحد المتسابقين، سواء أكان الحاكم أو غيره، وهي جائزة بالإجماع.

الثانية: أن يدفع أحدهما ولا يدفع الآخر، فمن فاز منهما أخذ المدفوع، وهذه جائزة عند أكثر الفقهاء.

الثالثة: أن يدفعَ كلُّ المتسابقين ويأخذها بعضُهم، وهي محرمةٌ عند عامة الفقهاء، من المذاهب الأربعة وغيرها، ونُقل فيها الإجماع؛ لأنها من الغرر والقمار، إلا أن يُدخلوا بينهم محلّلا، وهو أن يُعفَى متسابقٌ أو أكثر من الدفع، بشرط إمكانِ فوزه بالسباق، فتجوز حينئذ، ولا يجوز أن يكون المعفَى من الدفع متسابقًا ضعيفًا، يغلب على الظن عدم فوزه.

ونَصَّ فقهاؤنا على أن المسابقة في غير هذه الثلاثة المذكورة لا تجوز إلا مجانًا، وأنْ يكون القصد منها الاستعانة على الجهاد والنكاية بالعدوّ، لا مجرد المغالبة واللهو؛ ولخص كلامهم الدسوقيُّ رحمه الله بقوله: “والحاصل أن المسابقة بغير الأمور الثلاثة المتقدمة جائزة بشرطين: أن يكون مجانًا، وأن يقصد بها الانتفاع في نكاية العدو” [حاشية الدسوقي على شرح الدردير:210/2].

وعليه؛ فالصورة المسؤول عنها مِن القمار المحرم، وكذلك الصورة الثانية التي كانت سابقا؛ لأن كل مشترك فيها يدفع مالا، فيكون بين الغرم والغنم، وهذه حقيقة القمار، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

23/رجب/1439هـ

09/إبريل/2018م

 

  

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق