طلب فتوى
الصلاةالعباداتالفتاوىالمساجد

ما حكم ما يقوم به بعض المصلين من حجز أماكن في الصف الأول؟

حكم حجز الأماكن للصلاة في المساجد

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (3872)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

ما حكم ما يقوم به بعض المصلين من حجز أماكن في الصف الأول، بوضع كرسي، أو مفتاح، أو ما ينوب عنهما، ثم يجلس آخرَ المسجد، أو يخرج من المسجد حتى تقام الصلاة، فيرجع مطالبا بالمكان الذي حجزه، محتجا بأنه من حقه؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن كان المصلي الحاجز من الحريصين على الصف الأول، ولم يطل حجزه لذلك المكان، كأن كان جالسًا في الصف ثم حجز مكانه بكرسي أو مفتاح وذهب ليتوضأ، أو حصل له ظرفٌ طارئ، فلا بأس في الحجز، وهو أحق بمكانه، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الرَّجُلُ أَحَقُّ بِمَجْلِسِهِ وَإِنْ خَرَجَ لِحَاجَتِهِ ثُمَّ عَادَ فَهْوَ أَحَقُّ بِمَجْلِسِهِ) [الترمذي:2751]، فدل هذا الحديث بعمومه على أن المصلي الذي يقوم من مجلسه لحاجة يسيرة كوضوء أو شرب، أو ما أشبه ذلك، ثم يرجع إليه؛ فإنه أحق بالمجلس من غيره، ولصاحب المكان أن يُقِيمَ مَن جلس بمكانه في هذه الحالة، بشرط أن لا يؤدي ذلك إلى فتنة ومنكر أعظم، ويجب على من جلس في مكانٍ سبَقه إليه أحد، لكنه خرج لحاجة يسيرة ثم عاد، أن يقوم؛ اتباعًا لأمر النبي صلى الله عليه وسلم، وهو من مكارم الأخلاق، وفي شرح ابن بطال للبخاري: “روى أشهب، عن مالك أنه سئل عن الذى يقوم من المجلس، فقيل له: إن بعض الناس يقول: إذا رجع فهو أحق به. قال: ما سمعت به، وإنه لحسن إذا كانت أوبته قريبة، وإن بعد ذلك حتى يذهب فيتغدى ونحو ذلك فلا أرى ذلك له” [17/58].

أما أن يكون للمصلي مكان ثابت في المسجد، لا يصلي غيره فيه، ويأتي إلى المسجد متأخرا يتخطى الناس ليجلس في المكان الذي حجزه على الدوام، فهذا لا يجوز شرعًا، ويؤدي إلى محظورات؛ كتخطي رقاب الناس، وذلك بعد عودته من بيته أو من شغله وحاجته الطويلة، وفيه اغتصابٌ لمَكانٍ مَن سَبَقَ إليه فهو أولى به، ومخالفةٌ لما كان عليه السلف الصالح رضي الله عنهم، فإنهم لم يؤثر عنهم فعل ذلك، وفيه منعٌ للسابقين إلى المسجد أن يصلوا في المكان المحجوز، والمشروعُ في المسجد أنّ الناس يُتِمُّونَ الصف الأول، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أَلاَ تَصُفُّونَ كَمَا َتصُفُّ الْمَلَائِكَةُ عِندَ رَبِّهَا؟ قَالُوا: وَكَيْفَ تَصُفُّ الْمَلَائِكَةُ عِندَ رَبِّهَا؟ قَالَ: يُتِمُّونَ الصَّفَّ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ، وَيَتَرَاصُّونَ فِي الصُّفُوفِ) [مسلم: 430]، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد ميلاد قدور

سمير مصباح بن صابر

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

10/شعبان/1440هـ

15/04/2019م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق