طلب فتوى
الزكاةالعباداتالفتاوى

نقل أموال الزكاة إلى فقراء دولة أخرى

صرف الزكاة في البلد الذي لم تجب فيه

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (4251)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

أقوم بإرسال تبرعات إلى مؤسسة دعوية في دولة بِنين، ولانتشار الأمراض فيها يضطر فقراء المسلمين للعلاج في المستشفيات المجانيةِ، التي يقوم عليها دعاةُ التنصير أو الشيعة، وقد كانوا سببًا في تنصير بعض مَن عالج عندهم، فهل يجوز إرسال جزء من مال الزكاة لعلاج فقراء المسلمين في هذه الدولة، الذين يطلبون العلاج من المؤسسة، سواء بإعطائها لهم نقدًا أو سداد تكاليفه؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فالأصل في صرف الزكاة أن يكون في البلد الذي وجبت فيه الزكاة؛ لقول رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه حِينَ بَعَثَهُ إِلَى اليَمَنِ: (فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ) [البخاري: 1496]، إلاّ إذا كان الناس في البلد البعيد أشدّ حاجةً وفقرًا، فيُندب نقلها إليهم إيثارًا للمضطر، قال القرطبي رحمه الله في تفسيره: “قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَيْضًا: وَإِنْ نُقِلَ بَعْضُهَا لِضَرُورَةٍ رَأَيْتُهُ صَوَابًا. وَرُوِيَ عَنْ سَحْنُونٍ أَنَّهُ قَالَ: وَلَوْ بَلَغَ الْإِمَامَ أَنَّ بِبَعْضِ الْبِلَادِ حَاجَةً شَدِيدَةً جَازَ لَهُ نَقْلُ بَعْضِ الصَّدَقَةِ الْمُسْتَحَقَّةِ لِغَيْرِهِ إِلَيْهِ، فَإِنَّ الْحَاجَةَ إِذَا نَزَلَتْ وَجَبَ تَقْدِيمُهَا عَلَى مَنْ لَيْسَ بِمُحْتَاجٍ (وَالْمُسْلِمُ أَخُ الْمُسْلِمِ لَا يُسْلِمُهُ وَلَا يَظْلِمُهُ)” ]الجامع لأحكام القرآن: 8/175.[

ثم إن الزكاة لها مصارف معلومة، بينها الله عز وجل في قوله: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: 60]، فلا تعطى الزكاة للعلاج، إلا أن يكون المريض فقيرًا، فإن كان فقيرًا أُعطي من الزكاة كما يُعطى الفقراء، وله أن يعالج نفسه بالزكاة، أو ينفقها على نفسه، وهو في هذه الحالة يعطى بصفة الفقر، ولا شك أن الفقرَ إذا كان معه المرض، فإن صاحبه يكون أكثر احتياجًا، وقد ذكر العلماء في باب الزكاة أنه يقدم مَن كان أشد حاجة وفقرًا على مَن هو أحسن منه حالًا، قال الشيخ خليل رحمه الله: “وَنُدِبَ إِيثَارُ الْمُضْطَرِّ”، قال الدردير رحمه الله شارحًا له: “أَيِ الْمُحْتَاجِ عَلَى غَيْرِهِ بَأَنْ يُزَادَ فِي إِعْطَائِهِ مِنْهَا” [الشرح الكبير: 1/498].

وعليه؛ فإيصال الزكاة إلى هذه المؤسسة لعلاج الفقراء لا يبعد أن يكون واجبا؛ لحمايتهم من الذين يستغلون فقرهم وحاجتهم لينصروهم وليبدّلوا عليهم دينهم، سواء سلمت لهم نقدًا، أو سدد بها عنهم تكاليف العلاج، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد الرحمن بن حسين قدوع

حسن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

19//صفر//1442هـ

08//10//2020م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق