طلب فتوى
الصلاةالعباداتالفتاوىالمساجد

هل يؤثر الانحراف عن القبلة في صحة الصلاة؟

ما حكم الصلاة في الانحراف عمدا عن القبلة؟

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (4848)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

يوجد انحراف عن زاوية اتجاه القبلة في مساجد مدينتنا، حيث تصل درجة الانحراف إلى 25 درجة عن الاتجاه الصحيح للقبلة، ورغم توفر الأجهزة الحديثة التي تبين وبشكل دقيق الاتجاه الصحيح للقبلة، إلا أن الأهالي استمروا في الصلاة إلى الاتجاه الخاطئ، فما الواجب في ذلك؟

الجواب:

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أمّا بعد:

فإن من شروط صحة الصلاة استقبال القبلة، فيجب على من كان بمكة استقبال عين الكعبة، وأما من كان بخارجها فيكفيه استقبال جهتها؛ قال الله عز وجل: (فَوَلِّ ‌وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) [البقرة: 144]، فيجتهد في استقبال جهتها قدر الاستطاعة، ويعفى عن الانحراف اليسير؛ للمشقة ورفع الحرج.

وقد نصَّ الفقهاء على أن الانحراف الذي يبطل الصلاة، هو الانحراف عن جهة الكعبة باستدبارها أو التشريق والتغريب، قال المواق رحمه الله: “فِي المُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ عَلِمَ وَهْوَ فِي الصَّلَاةِ أَنَّهُ اسْتَدْبَرَ القِبْلَةَ، أَوْ شَرَّقَ أَوْ غَرَّبَ، قَطَعَ وَابْتَدَأَ بِإِقَامَةٍ” [التاج والإكليل: 2/194]، فدلَّ قوله على أن الانحراف المبطل للصلاة هو: الانحراف عن الجهة، والانحراف اليسير وإن كان لا يبطل الصلاة، لكن من تبين له في الصلاة وعلم أنه منحرف عن جهة القبلة، فلا يجوز له الاستمرار على هذا الانحراف عمدًا، ولو كان يسيرًا، قال الشيخ الدردير رحمه الله في من تبين له الانحراف اليسير عن القبلة: “وَصَحّتْ فِي اليَسِيرِ فِيهِمَا مَعَ الحرْمَةِ” [الشرح الكبير: 1/227]، وهذا يفيد أن الانحراف اليسير مع العلم به، وإن لم يبطل الصلاة، فصاحبه آثم، وقال ابنُ مقيل رحمه الله: “وَاعْلَم أَنَّ تَحَرّيك لذَلكَ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ تَقُومُ فِيهِ الصَّلَاة لَازِمٌ لَكَ، وَمَتَى غَفَلْتَ أَنْ تَتَحَرَّى ذَلِكَ، وَلَمْ تُحَقِّقْ فِيهِ، لَمْ تَسْتَقِمْ إِلَى الْقِبْلَةِ فِي كُلِّ صَلَوَاتِكَ؛ إِذْ بِانْحِرَافِكَ مِقْدَارَ غَلَطِ إِصْبَعٍ أَوْ نَحْوِهِ، تَمِيلُ عَنِ الْقِبْلَةِ مَيْلًا عَظِيمًا” [فتاوى ابن مقيل: 83].

عليه؛ فإذا عُلمت جهة القبلة بوجه من وجوه الاستدلال، من أهل المعرفة بالشمس أو القمر أو البوصلة، أو غير ذلك من الطرق العلمية الحديثة، فينبغي الالتزام بها، وتصحيح قبلة المساجد بناء عليها، والله أعلم.

وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد الرحمن بن حسين قدوع

حسن بن سالم الشّريف

 

الصّادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

28//شوال//1443هـ

29//05//2022م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق