طلب فتوى
الأطعمة والأشربة والصيدالعباداتالفتاوىقضايا معاصرة

هل يجوز إضافة مساحيق الحشرات والألوان المستخلصة منها للمنتجات الغذائية؟

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5196)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

أنا طالبةٌ في قسم علوم وتقنية الأغذيةِ، بجامعة طرابلس، واخترتُ مساحيق الحشرات موضوعًا لبحثِ التخرج، وخصصتُ جانبًا من البحث للحكم الشرعي في استخدام هذه المساحيق في الأغذية، فهل يجوز إضافة مساحيق الحشرات والألوان المستخلصة منها للمنتجات الغذائية؟ وما حكم تناول المنتجات الغذائية المحتوية عليها؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فالذي عليه جمهور الفقهاء، من الحنفية والشافعية والحنابلة؛ تحريم أكل الحشرات من خشاش الأرض؛ لأنها ليست من الطيبات، بل هي مما استخبثهُ الطبعُ، والله تعالى يقول: (يَسْأَلُونَكَ ‌مَاذَا ‌أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ)  [المائدة:4]، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتلِ بعضِها، فقال: (خَمْسٌ فَوَاسِقُ يُقْتَلْنَ فِي الْحَرَمِ الْفَأْرَةُ وَالْعَقْرَبُ وَالْحُدَيَّا وَالْغُرَابُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ) [البخاري: 3314]، وعن ‌أُمَّ شَرِيكٍ رضي الله عنها: (أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَهَا بِقَتْلِ ‌الْأَوْزَاغِ) [البخاري:3307]، قال السرخسي رحمه الله: “وَالْمُسْتَخْبَثُ حَرَامٌ بِالنَّصِّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: (‌‌وَيُحَرِّمُ ‌عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ) [الأعراف: 157]؛ وَلِهَذَا حَرُمَ تَنَاوُلُ ‌الْحَشَرَاتِ، فَإِنَّهَا مُسْتَخْبَثَةٌ طَبْعًا، وَإِنَّمَا أُبِيحَ لَنَا أَكْلُ الطَّيِّبَاتِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُلُوا ‌مِن ‌طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ) [البقرة: 172]” [المبسوط للسرخسي: 11/ 220]، وقال الشيرازي رحمه الله: “وَلاَ يَحِلُّ أَكْلُ ‌حَشَرَاتِ ‌الْأَرْضِ كَالْحَيَّاتِ وَالْعَقَارِبِ وَالْفَأْرِ وَالْخَنَافِسِ وَالْعِظَاءِ وَالصَّرَاصِيرِ وَالْعَنَاكِبِ وَالْوَزَغِ وَسَامٍّ أَبْرَصَ وَالْجِعْلَانِ وَالدِّيدَانِ وَبَنَاتِ وِرْدَان… لقوله عز وجل: (‌‌وَيُحَرِّمُ ‌عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ) [الأعراف: 157]” [المهذب: 1/ 451]، وقال ابن قدامة رحمه الله: “وَمَا كَانتِ الْعَرَبُ تُسَمِّيهِ طَيِّبًا فَهُوَ حَلَالٌ، ومَا كَانَتْ تُسَمِّيهِ خَبِيثًا، فَهُوَ مُحَرَّمٌ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: (‌‌وَيُحِلُّ ‌لَهُمُ ‌الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ) [الأعراف: 157]… فمِنَ المـُسْتَخْبَثَاتِ الحَشَراتُ، كالديدانِ، والجِعْلانِ وبناتِ وَرْدَان، والْخَنافِسِ، والفَأْرِ، والأَوْزاغِ، والْحِرْباءِ، والعِظَاةِ، والجَراذِينِ، والعَقارِبِ، والحَيَّاتِ” [المغني: 317/13].

والإمام مالك رحمه الله، وإن كان مذهبه كراهة أكلِ خشاشِ الأرض مِن مثل الحشرات المذكورة، فإنه مشروط عنده بعدم الضرر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارَ) [الموطأ:600].

عليه؛ فلا يجوز إضافةُ مساحيقِ الحشراتِ والألوانِ المستخلصةِ منها إلى المنتجاتِ الغذائية، ولا يجوز أكل المنتجاتِ المحتوية على هذه المساحيقِ والألوان، ولا حرجَ على مَن أكلها سابقًا دون علم؛ لعذره بالجهل بالحكم؛ لأنه مما يخفى، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد بن ميلاد قدور

حسن بن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

09//ذو القعدة//1444هـ

29//05//2023م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق