طلب فتوى
البيعالتبرعاتالفتاوىالمعاملاتالوقف

هل يجوز مناقلة أرض موقوفة للضرورة والمصلحة؟

حكم استبدال أرض الوقف ومناقلتها

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5000)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

أملك قطعة أرض بتاجوراء، مساحتها 150م2، وقد أوقفتُها لبناء مغسلةٍ لتغسيل الموتى، وعندما أرادَ بعض المتبرعينَ الشروعَ في بنائها، اعترضَ بعض الجيرانِ بأنَّ الطريقَ ضيقةٌ، وأنه لا وجودَ لشبكة عامةٍ للصرفِ الصحي في المنطقة، فهل يسعُنَا بيعُ الأرض وشراءُ أخرى بدلًا عنها، أو التبرع بثمنها لمغسلةٍ أخرى قائمةٍ؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فالأصلُ أن لا يُتصرفَ في أرضِ الوقف، بأيّ وجهٍ مِن وجوهِ التصرفِ التي تُذهب عينها، إلا إذا خيفَ عليها الضياع، ولم يمكن الانتفاع بها على الوجه الذي حددهُ الواقف، أو تضرر منها المحيطون بها؛ فتستبدل بأرضٍ أخرى، لقوله صلى الله عليه وسلم: (لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرارَ) [ابن ماجه:2331]، وفي المعيار عن ابن رشد  رحمه الله، أنه سئل عن حكمِ معاوضةِ أرضٍ غامرةٍ تابعة لمسجد، فأجاب: “إِنْ كَانَتِ القِطْعَةُ مِنَ الْأَرْضِ المحبَّسَةِ قَدِ انْقَطَعَتْ مَنفَعَتُهَا جُمْلَةً، وَعُجِزَ عَنْ عِمَارَتِهَا، فَلَا بَأْسَ بِالْمُعَاوَضَةِ فِيهَا بِمَكَانٍ يَكُونُ حُبُساً مَكَانَهَا، وَيَكُونُ ذَلِكَ بِحُكْمٍ مِن الْقَاضِي بَعْدَ ثُبُوتِ ذَلِكَ السَّبَبِ، وَالْغِبْطَةِ فِي الْعِوَضِ، وَيُسَجِّلُ ذَلِكَ وَيُشْهِدُ بِهِ” [المعيار المعرب: 138/7].

وعليه؛ فإن كان بناء المغسلة في هذه الأرض يُلحق الضرر بالجيران، لضيق الطريق، أو لعدم وجود شبكة للصرف الصحي، وكان الضرر محققًا؛ فيجوز مناقلةُ هذه الأرض، بِبَيْـعِها بَيْعَ غِبْطة ومصلحة، وشراءِ أرضٍ أخرى بثمنها، تكونُ أنفعَ للوقف، وينبغي أن يكون ذلك بإشراف العدولِ وأهلِ الرأيِ في المحلّة، ويُوَثَّق عند محررِ عقود؛ حفاظًا على مصلحة الوقف، وتحقيقًا لغرضِ الواقف، أما إن كان الضررُ بالجيران غير محققٍ؛ فلا يجوزُ بيع الأرضِ، ولا استبدالُها؛ لقول الله عز وجل: ﴿‌فَمَنم ‌بَدَّلَهُو بَعْدَ مَا سَمِعَهُو فَإِنَّمَا إِثْمُهُو عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُو﴾  [البقرة: 119]، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد العالي بن امحمد الجمل

حسن بن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

17//ربيع الأول//1444هـ

13//10//2022م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق