طلب فتوى
الضمانالفتاوىالمعاملات

هل يضمن البائع ثمن البذور الرديئة؟ وهل يضمن خسارة الموسم؟

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (4267)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

اشترى رجل بذور بصل بمبلغ قدره (10000) د.ل، بضمانٍ مِن البائع على جودتها، فعمل المشتري بهذه البذور موسـمًا كاملا، كلفه (50000) د.ل، وفي نهاية الموسم اتضحَ أنّ البذور رديئة سيئة، فهل يضمنُ البائع خسارة البذور فقط، أم خسارة الموسم كاملًا، أم أنه لا يلزمه ضمانٌ مطلقًا؟ علما بأن المشتري زرع هذه البذور وزرع معها بذورا أخرى في نفس الأرض، فنبتت الأخرى ولم تنبت هذه البذور.

الجواب:

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبهِ ومَن والاه.

فإن كان المشتري صادقًا في دعواه، بأنّه زرع هذه البذور وزرع معها بذورا أخرى في نفس الأرض، فنبتت الأخرى ولم تنبت هذه البذور موضع السؤال، فإن هذه البذور تعدّ معيبة ويتحمل البائع فيها تبعة العيب فيضمن له قيمة البذورِ، إن لم يكن يعلم برداءتها ولم يدلّس، فتُقَيَّم على أنها تَنبُت وعلى أنها لا تَنبُت، ويرجع بما بين ذلك، وإن كان يعلم برداءتها ودلّس على المشتري، فيكون غاشا، ويضمن له ثمن البذور وما تكلّفه في الموسم كاملا، أما إن عُلم كذب المشتري في دعواه فلا شيءَ له.

فإن لم يبق من البذور ما يجرّب به، ولم يستطع المشتري إثبات أنه زرعها في أرضٍ خصبةٍ، والبائع يدعي عدم علمه برداءةِ البذور، فإن البائع يحلفُ أنه ما علم أنّ البذور لا تَنبُتُ، ولا ضمان عليه.

قال التسولي رحمه الله: “فرع: قَالَ علي الأجهوري: من اشْترى شَعِيرًا بِشَرْط أَنه للزِّرَاعَة أَو فِي إبَّانهَا بِثمن مَا يُرَاد لَهَا فَلم ينْبت فَإِن كَانَ البَائِع مدلساً رَجَعَ عَلَيْهِ المُشْتَرِي بِجَمِيعِ الثّمن وَأُجْرَة الأَرْض وَمَا صرفه فِي زرعه، وَإِن كَانَ غير مُدَلّس فَإِن كَانَ الْمَبِيع لَا ينْتَفع بِهِ فِي غَيرهَا كزريعة الْحِنَّاء والبرسيم رَجَعَ المُشْتَرِي بِثمنِهِ وَلَا يدْفع عوضا للْمَبِيع وَإِن كَانَ ينْتَفع بِهِ فِي غَيرهَا كأكله أَو علفه، فَهَل يرجع بِثمن الْجَمِيع أَيْضا، وَلَكِن يرجع البَائِع بِمثل مَتَاعه وَهُوَ قَول ابْن الْقَاسِم، أَو يرجع الْمُبْتَاع بِمَا بَين قِيمَته نابتاً وَغير نابت من الثّمن وَهُوَ قَول سَحْنُون.؟ قَولَانِ اهـ. وَقَالَ ابْن عبد الرفيع: يُقَال لمن اشْترى زريعة فَلم تنْبت أثبت أَنَّك زرعت الزريعة الَّتِي اشْتَرَيْتهَا من هَذَا بِعَينهَا، وَأَنَّك زرعتها فِي الإبان، وَفِي أَرض ثرية، وَأَنَّهَا لم تنْبت وَلَك الرُّجُوع اهـ. وَنَقله ميارة عَن القلشاني، وَأَصله فِي الجزيرية، كَمَا فِي الْبُرْزُليّ قَالَ فِيمَن ابْتَاعَ زريعة بصل وَزعم المُشْتَرِي أَنَّهَا لم تنْبت مَا نَصه: إِن كَانَت الْبَيِّنَة لم تُفَارِقهُ حَتَّى زَرعهَا فِي أَرض مذللة ناعمة وَلم يضيع سقيها فِي وَقت السَّقْي رَجَعَ بِالثّمن على البَائِع، وَلم يكن عَلَيْهِ مثل زريعته إِذْ لَا فَائِدَة فِيهَا، وَإِن فارقته الْبَيِّنَة وَنظر الْعُدُول إِلَى الأَرْض ورأوها لم يصلح نباتها حلف البَائِع أَنه لم يغره وَأَنه أعطَاهُ زريعة جَيِّدَة فِي علمه، وَإِن لم يكن هَذَا وَلَا هَذَا فَلَا يَمِين فِيهَا اهـ. وَهَذَا كُله إِذا لم يبْق من الزَّرْع شَيْء وإلاَّ فيجرب ليعلم صدق المُشْتَرِي أَو كذبه كَمَا لِابْنِ رشد قَالَ: فَإِن عرف كذبه فَلَا شَيْء لَهُ، وَإِن عرف صدقه بالتجربة الْمَذْكُورَة رَجَعَ بِقِيمَة الْعَيْب إِن لم يُدَلس البَائِع وَإِن دلّس رَجَعَ بِجَمِيعِ الثّمن اه. فَفِيهِ إِشَارَة إِلَى تَرْجِيح قَول سَحْنُون” [البهجة: 2/194-195]، وَالله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد الدائم سليم الشوماني

حسن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

08//ربيع الأول//1442هـ

25//10//2020م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق