بسم الله الرحمن الرحيم
رقم الفتوى ( )
الأخوة / قاضي محكمة الزهراء الابتدائية.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تحية طيبة، وبعد:
إن جريمة الزنا جريمة شنيعة، وكبيرة من الكبائر، وعقوبتها على المتزوج قاسية، وهي الرجم حتى الموت، ومن أجل ذلك كان طريق إثباتها في غاية الصعوبة، وشدد الشارع فيها، فجعل الشهود أربعة، وأن يشاهدوا الزنى، ويصفوه بصفة واحدة، ولما كان إثبات الشهادة بالكيفية المذكورة في غاية الصعوبة، شرع الله للزوج حالة خاصة يستطيع بها أن يقيم دعوى الزنى، دون أن يكلف بإحضار الشهود، وذلك بأن يحلف أيمان اللعان التي ذكرها الله تعالى في قوله: :(وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاءُ الَّا أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ وَالْخَامِسَةُ أَن لَّعْنَتُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَن تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ وَالْخَامِسَةُ أَنْ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهَا إِن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ)، والسبب في إعطاء الزوج هذه الحالة الخاصة أن العادة تقضي بأن الزوج لا يقدم على رمي زوجته بالزنا، إلا إذا كان على يقين من ذلك؛ لأنه برميها يطعن في شرفه، ويلحق به وبأولاده العار، ويجعل شرفه وعرضه حديث الناس؛ لهذا كله شرع الله اللعان؛ حفاظا على الأنساب المكرمة، وحماية للشريعة من تغير الأحكام، كالميراث والنسب والحجاب والاختلاط، كما شرع اللعان لدرء الحد عنها، فاللعان يحفظ حقوق الزوج والزوجة، وقد وقع لعان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، فالواجب على القضاة أن لا يتمالؤا على تأخير تنفيذ شرع الله، وتحقيق حكمه في إثبات الملاعنة بين الزوجين؛ حفظا للأنساب المكرمة، ورعاية لمصالح الزوجين دون تأخير، وقد قال الله تعالى: (وأن احكم بينهم بما أنزل الله)، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “القضاة ثلاثة: اثنان في النار، وواحد في الجنة، رجل عرف الحق، فقضى به، فهو في الجنة، ورجل عرف الحق، فلم يقض به، وجار في الحكم، فهو في النار، ورجل لم يعرف الحق، فقضى للناس على جهل، فهو في النار” [رواه الأربعة، وصححه الحاكم]. والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم