بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (2433)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
أنا (س)، توفي والدي (ع)، ومن ضمن تركته بيت العائلة، وهو من دورين، وقد كان تنازل لأخي (ظ) عن سقف ورشة له؛ ليبني عليها بيتا، فقام بالبناء في حياة الوالد، ولم يستطع إكماله، فطلب من الوالد أن يتنازل له عن الدور الثاني، الذي كان يقيم فيه أخي (ظ) بعد زواجه، فكتب له تنازلا بذلك، وتنازل كذلك عن الدور الأرضي الخالي لبناته الثلاث، وكلهن متزوجات، وبقي الوالد ساكنا مع أخي في الدور الثاني المتنازل عنه، ثم انتقل عندي لمزيد العناية قبل سنة ونصف من وفاته، ولم يكتب لي ولا لأخي (ف) شيئا، فما حكم ذلك؟ علما بأنه طلب مني بعد انتقاله عندي أن يكتب لي ما شئت، ولكني رفضت؛ حتى لا أتهم بأني إنما آويته لاستغلاله، وقال لي: “أن ما وهبه لأخي وأخواتي هو نصيبهم من ميراثه”، ولكن أخي (ظ) وأخواتي لا يعترفون إلا بالتنازل المكتوب، ويقولون لنا: “لا حق لكم في بيت العائلة المتنازل عنه، ونريد حقنا في باقي الميراث”، فما حكم ذلك؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فالذي ينبغي أن يحرص عليه ورثة (ع) أن يحافظوا على الرحم والمودة بينهم، ولا يجعلوا تصرف والدهم بكتابة بعض أملاكه لمن ذكر من أولاده وعدم الكتابة للبعض الآخر، ألا يجعلوه سببا في القطيعة وفساد ذات البين، فيسيئوا إلى والدهم بتسببه في ذلك، وكان الأولى به أن يقف عند أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اتقوا الله، واعدلوا في أولادكم) [مسلم:1623].
أما حكم التنازل المذكور بعد وقوعه فهو هبة، والهبة إذا وقعت مضت إذا حصلت فيها الحيازة، قال ابن أبي زيد القيرواني رحمه الله: “ولا تتم هبة ولا صدقة ولا حبس إلا بالحيازة” [الرسالة:117].
وعليه؛ فإن سقف الورشة ملك لـ(ظ)؛ لأنه قام بحيازته بالبناء عليه إلا إذا استرده منه والده في حياته عندما تنازل له على البيت، والدور الثاني الذي تنازل عليه لـ(ظ) أيضا مَلَكَه (ظ)؛ لأنه سكن واستقل بالسكنى فيه في حياة الواهب، وأما الدور الأرضي فيرجع ميراثا لجميع الورثة كبقية التركة غير المخصصة بالهبة؛ لأن الموهوب لهن لم يتصرفن فيه تصرف المالك حتى توفي الواهب.
وما ذكره الأب لأحد الأبناء من أن ما وهبه لبعض أولاده هو نصيبهم من ميراثه، ولا حق لهم في تركته؛ فلا عبرة به؛ لأن ما يملكه الإنسان ينتقل بموته إلى جميع الورثة جبرا بحكم الشرع، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
أحمد محمد الكوحة
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
21/شعبان/1436هـ
08/يونيو/2015م