طلب فتوى
الحدود و الجناياتالفتاوى

ما هي دية القتل الخطأ

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (2873)

 

ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:

كان هناك شخص يقود سيارته داخل طرابلس، فخرجت عليه سيارة أخرى، وصدمته من الجهة اليمنى، مما أدى إلى انحراف السيارة، وخروجها إلى الطريق المقابل، فاصطدم بسيارتين؛ الأمر الذي أدّى إلى وفاة أحد السائقَينِ، وقد شهد من حضر الحادثة أنّه ليس مخطئًا، فهل عليه دية أو كفارة؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن المرجع والمعول عليه في تحديد الخطأ هو التفريط، وقد تبين من تقرير المرور المرفق تفريط السائق؛ بمخالفته لقوانين السير في الطريق العام، الموضوعة للحفاظ على سلامة الناس؛ فقد جاء فيه تجاوز السائق للسرعة المحددة، وكذلك انتهاء صلاحيةِ ترخيص السيارةِ، والفحصِ الفني.

وعليه؛ فالتهاون بما ذكر يجعل السائق متسببا في قتل الخطأ، والواجب في قتل الخطأ الديةُ والكفارة؛ لقوله تعالى: ﴿وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَّصَّدَّقُوا﴾ [النساء:92]، ولعدم وجود الرقبة يلزم صيام شهرين متتابعين؛ لقوله تعالى: ﴿فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ [النساء:92]، والدية على عاقلته؛ وهم العصبة – عائلته وقبيلته – وموظفو الوزارة أو النقابة التي يتبعها؛ قال ابن الحاجب رحمه الله: “والدية على العاقلة إذا كانت خطأ أو في حكمه… وهي العصبة، وألحق بها أهل الديوان لعلة التناصر” [جامع الأمهات:ص505].

ويجوز لأهل المجني عليه أن يصطلحوا مع الجاني، على أي قدر من المال يتفقون عليه، ولو بأقل من الدية الكاملة، إذا رأَوا ذلك، أو يعفوا عنه بلا شيء؛ لأن الدية حق لهم، قال القرطبي رحمه الله في تفسير قوله تعالى: ﴿إِلاَّ أنْ يَّصَّدَّقُواْ﴾: “وأما الكفارة التي هي لله تعالى فلا تسقط بإبرائهم، وإنما تسقط الدية التي هي حق لهم”[تفسيرالقرطبي:323/5]، إلا إذا كان في ورثة المقتول قُصَّر، فلا يجوز للولي عليهم أن يتنازل عن شيء من حقهم؛ لأنه من تضييع حقوقهم، قال الدردير رحمه الله: “ولا يعفو الولي في عمد أو خطأٍ مجانا، أو على أقل من الدية، إلا لعُسر” [الشرح الكبير:301/3]، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد محمد الكوحة

أحمد ميلاد قدور

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

19/جمادى الآخرة/1437هـ

28/مارس/2016م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق