طلب فتوى
الفتاوىالمعاملاتالمغارسة

المغارسة في أرض الوقف

قسمة الأرض الموقوفة في المغارسة

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (4073)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

غارس أجدادنا الثلاثة أرضًا وقفية سنة 1967م، كما بالوثائق المرفقة من السجل العقاري، المبرمة مع الأوقاف، والمسجلة بمحكمة جنزور الجزئية، على أن تقسم الأرض بينهم وبين الأوقاف مناصفة، فما حكم ذلك؟

الجواب:

الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن المغارسة مع الوقف مما اختلف فيه أهل العلم، فمشهور مذهب مالك أنها لا تجوز؛ لأنها تؤول إلى بيع جزء من الوقف لاستصلاح الجزء الآخر، والأصل أن الوقف لا يجوز بيعه، وإن خرب، وفي رواية أخرى عن مالك؛ يجوز بيعه إن خرب، بشرط أن يعوض مثله ما يكون أنفع للوقف، وجرى العمل في المذهب بجواز المغارسة إذا تحققت المصلحة، قال التسولي: “وَبِهِ أَفْتَى الفَقِيهُ أَبُو زَيْد عَبْدُ الرَّحْمَنِ الفَاسِي، حَسبَمَا فِي نَوَازِلِ الزّيَاتِي، قَائِلاً: وَهْوَ الَّذِي رَجَّحَهُ القَاضِي أَبُو الوَلِيد، وَلَعَلَّهُ يُشِيرُ إِلَى تَصْحِيحِ ابْنِ رُشْدِ لَهُ فِي المُقَدِّمَاتِ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الرّهُونِي فِي حَاشِيَتِهِ” [شرح البهجة على التحفة:127/2]، جاء في المعيار: “وَسُئِلَ بَعْضُ الشُّيُوخِ عَنْ حُكْمِ مَنْ أَعْطَى أَرْضًا مُحَبَّسَةً عَلَى وَجْهِ الْمُغَارَسَةِ، فَأَجَابَ: بِأَنَّهَا تَمْضِي، وَلاَ يَنقُضُهَا مَنْ جَاءَ بَعْدَهُ مِنَ الْحُكَّامِ” [المعيار المعرب:7/436].

عليه؛ فإذا تم عقد المغارسة بين المغارس وناظر الوقف، ووفّى المغارس بما تعاقد عليه من العمل المتفق عليه، فإنه يجاب لطلب المقاسمة متى طلبه، وتكون في الشجر والأرض، على ما ذكر في وثيقة المغارسة، قال ابن عبد البر: “الذي يجوز … أَنْ يُعْطِيَهُ أَرْضَهُ عَلَى أَنْ يَغْرِسَهَا شَجَراً مَعْلُوماً مِنَ الأصُولِ الثَّابِتَة، كَالنَّخْل، والأَعْنَابِ، وَشَجَر التّينِ، والزَّيتُونِ، والرّمَان، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الأصُولِ، فَمَا أَنْبَتَ الله فِيهَا مِنَ الشَّجَر، وَتمَّ وَأَثمرَ، فَذَلكَ بَيْنَهمَا بِأَصْلِهِ وَقَاعَتِهِ مِنَ الأرْضِ، عَلَى مَا تَشارطا عليه، إذا وصف النبات لشجر حدًّا معلومًا، ولو قالا: إذا أطعم الشجر، كان حدًّا” [الكافي: 2/267]، وتكون حصة المغارس ملكًا له ملك رقبة، يأخذها متى طلب القسمة، ولو يبس الشجر بعد الإطعام، ولا يدخل في القسمة إلا ما غرس ونبت زرعه، قياسًا لها على الجعل، والله أعلم.

وصلَّى الله على سيّدنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلَّم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد ميلاد قدور

حسن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

28// ربيع الآخر// 1441هـ

25// 12// 2019م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق