طلب فتوى
المنتخب من صحيح التفسيرمؤلفات وأبحاث

المنتخب من صحيح التفسير- الحلقة (263)

بسم الله الرحمن الرحيم

المنتخب من صحيح التفسير

الشيخ الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

 الحلقة (263)

[النساء:136-141].

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا)[النساء:136].

(الْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ) هو القرآنُ (وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنزَلَ مِن قَبْلُ) ال فيه للجنس، فيعم جميع الكتب التي أنزلها الله تعالى على رُسله، قبل نزول القرآن (وَمَن يَكْفُرْ بِاللهِ وَمَلَآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ) الكفرُ ببعض ما ذكر كالكفرِ بجميعه، والنداء (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ) مُوجَّهٌ لكل من تَسمى باسم الإيمان، فمنهم الصادقون، ومنهم منافقون متسَتِّرونَ بالإيمان، وليسوا مؤمنين حقًّا، ومنهم يهود يؤمنونَ ببعض الكتاب، ويكفرونَ ببعض، ومنهم مَن أسلم من أهل الكتاب، وقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: نؤمنُ بما أُنزلَ إليك، وبموسى، والتوراة، وعزير، ونكفرُ بما سواه، فطلبَ اللهُ الإيمان من هؤلاء جميعًا، ثم قال لهم مرة أخرى: آمِنوا، فيحمل الأمرُ الثاني لكل فريقٍ على ما يليقُ به، فالصادقون في إيمانهم، مطالَبون بالثباتِ على الإيمان، والدوامِ عليه، والمنافقونَ مطالبونَ بالإخلاص، وتحقيقِ الإيمان الذي زعموه؛ لأنهم ليسوا مؤمنينَ على الحقيقة، ومَن أسلم مِن أهل الكتاب، وقالوا: نؤمنُ بالكتاب الذي أُنزل على محمد، وموسى، وعيسى، ولا نؤمن بغير ذلك، يقال لهم: آمِنوا بعمومِ الكتب التي أنزلها الله، فالكتابُ يراد به الجنس، فصحة الإيمان متوقفةٌ على الإيمان بجميعها، فمَن يكفر بما ذُكر أو بالملائكةِ، ويعبدُهم، ويقول عنهم إناثًا، أو يكفر باليومِ الآخر، فينكرُ البعثَ، فقد ضَلَّ ضلالًا بعيدًا، ليس بعده ضلالٌ؛ لأنه شركٌ أكبر، لا تُرجى لصاحبه نجاة.

(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَّمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا)[النساء:137].

هذه الآية (الَّذِينَ ءَامَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ءَامَنُواْ ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْرًا) محمولةٌ على اليهودِ عند أكثر المفسرين، فقد رفعَ فوق رؤوسهم الجبل، وخافوا نزولَه عليهم، فقالوا: سمعنَا وأطعنَا، وأخذَ عليهم الميثاق، وهو قوله: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ)([1])، فآمَنوا، ثم كفروا بعبادتِهم العجل، ثم تابَ الله عليهم بقتلِ أنفسهم، ثم ازدادُوا كفرًا، وقالوا لموسي عليه الصلاة والسلام: لن نؤمنَ حتى نرى اللهَ جهرةً، فصُعقوا، ثم بعثَهم الله، وأنزلَ عليهم المنَّ والسلْوى، ثم بدَّل الذين ظلموا منهم قولًا غير الذي قيلَ لهم، حين أُمروا بدخولِ بيتِ المقدس، فأنزل الله عليهم رجسًا من السماءِ بما كانوا يفسُقون، وحملُ الآية على اليهودِ بهذا المعنى أولى مِن حملها عليهم بأنهم كفروا بموسى، وعَبدوا العجل، ثم كفروا بعيسى، وقالوا على مريم بهتانًا عظيمًا، ثم ازدادوا كفرًا بمحمد صلى الله عليه وسلم؛ لأنّ مَن ازداد كفرًا، على هذَا التفسير، ليسوا هم نفس اليهود الذين كفروا أوّلًا، بل هم أسلافهم، بخلافه على الحملِ الأول، وقيل: هي محمولة على منافقينَ من العرب، كانوا إذا أتوا المدينةَ آمنوا، وإذا رجعوا إلى مكةَ كفروا، فكان هذا ديدنهم؛ يؤمنونَ ويكفرونَ، ويزدادون كفرًا، كما قال الله تعالى: (وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَىٰ شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ)([2])، ولا مانع مِن حملِ الآية على الفريقين، وعلى مَن يفعلُ فعلَهم في كلِّ عصر، وقوله (لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا) أي لا يهديهم سبيلًا يوصّلهم إلى الإيمان؛ لأن الله يطبعُ على قلوبهم؛ لاستهزائهم بالله ورسوله، وتلاعبهم بالدِّين، فلا يُوفَّقون لهداية، كما قال تعالى: (فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ)([3])، وليس المراد أنه لو أن واحدًا منهم آمنَ حقًّا أنَّ اللهَ لا يقبلُ إيمانه، ولا يغفرُ له، فإن الله يقبلُ توبة العبدِ ما لم يُغرْغر، واللام في قوله (لِيَغْفِرَ لَهُمْ) لام الجحود، التي تأتي بعد كونٍ منفيّ، وهي متعلقةٌ بخبر كان المحذوف وجوبًا، تقديره: لم يكن الله مُريدًا ليغفرَ لهم.

(بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلهِ جَمِيعًا)[النساء:138-139].

(بَشِّرِ) من البشارة، وأصلها التعجيل بما يسرّ من الخير، وهي هنا مستعملةٌ في ضدِّها، وهو النّذارة بالعذابِ وسوء العاقبة، فهو من أسلوبِ التهكم بالمنافقين؛ لاستهزائهم بالمسلمين ودينهم، فهم يُظهرونَ الإسلامَ؛ (وَإِذَا خَلَوْا إِلَىٰ شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ)([4])، فقابلَهم القرآن بأسلوبهم في الخداع؛ ليضاعفَ حسرتَهم، والتصريح باسمهم أنهم المنافقون، يُرجِّح حملَ الذين آمنُوا ثم كفروا، ثم آمنُوا ثم كفرُوا، ثم ازدادوا كفرًا – في الكلام السابق – على المنافقين، الذين يظهرونَ الإيمانَ عند المؤمنينَ ثم يكفرونَ، ويزدادونَ كفرًا كلَّما خرجُوا من عندِهم (الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) هذه صفةٌ من أوصاف المنافقين منصوبة على الذمّ، بتقدير: أعني الذينَ يتخذونَ الكافرين، فهُم ومَن كان مثلهم على طريقِ النفاق، يوالونَ أهلَ الكفر في مكة، يَسمعون لهم ويُطيعونهم، ويُعادون أهل الإيمان من أجلهم، وهو ما يشعرُ بضعفِ المنافقين، وخوفِهم من المسلمين (أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ) استفهامٌ إنكاريٌّ، كيف يطلب المنافق الاعتزاز بالكافر، وكلاهُما ضعيفٌ عدوٌّ لله؟ كيف يَتعززُ الضعيفُ بالضعيف؟ يَطلبون النصرة ممن لا يَقدر عليها حقيقةً، ويَتركون مَن العزةُ والقوةُ كلُّها له، قال تعالى: (وَلِلهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ)([5])، فلا عزة إلّا لمن أعزهُ الله، ونصرةُ غيره ممن يَظهر للناس أنه يملكُ أسبابَ القوةِ لا شيءَ؛ لأنها لا تكونُ إلا بإعزاز الله ومشيئته، فإذا لم يأذنْ بها الله زادَ من تَعزَّز بغيره ذُلًّا وهوانًا، فالعزة في كل الأحوال ـ على الحقيقة ـ هي له وحده، مختصةٌ به، والقوة كلها جميعًا له.

(وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا)[النساء:140].

(وَقَدْ نَزَّلَ) عطفٌ على (أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ) والخطابُ في (عَلَيْكُمْ) للمؤمنين، والكتابُ وآياتُ الله القرآنُ، أي: وقد نزل عليكم في القرآن في معنى هذه الآية: التحذير من الجلوس مع الذين يكفرون ويستهزؤون، مثل قوله تعالى: (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَىٰ مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)([6])، فهذا التحذيرُ وما في معناه، نزلَ عليهم مِن قبل، وذُكّروا به في هذه الآية، وقوله (أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا) (أَنْ) مخففةٌ من الثقيلة، أصلها أنّه، أي الحالُ والشأن، وخبرها الجملة الشرطية (إِذَا سَمِعْتُمْ) وسمعتم: فعل الشرط، قيدٌ في جواب الشرط، وهو قوله (يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا) فالتحذير من الجلوس معهم مقيدٌ بالكفر بالآيات عند سماعها، أي أن الكفرَ والاستهزاء يَحدثان في حال سماعِهم للقرآن، فلا يدل على النهي عن الجلوس معهم في غير ذلك الوقت، وهو ما يفهم فيما بعدُ مِن الإذن للمسلمينَ بالجلوسِ معهم، إذا خاضُوا في حديثٍ غيره؛ والكفرُ وقت السماعِ غايةٌ في المجاهرة بالسوء، وأُسند الفعلان: يُكفر ويُستهزأ لما لم يسمَّ فاعله؛ ليصلح للفريقين، المنافقينَ والكافرين، وقوله (حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ) غاية للنهيِ عن مجالستِهم، فالنهي مُقيد بحالِ استهزائهم، ومأذونٌ به عند عدمهِ، ويؤخذ منه أن المسلمَ عليه أن يتجنبَ مجالس سماعِ الكفر، وسماعِ الباطل، فإنها تُعدِي وتُردِي، وإذا وجدَ نفسه في مجلسٍ منها، عليه أن يغضبَ لله، ولا يسكتَ عن الاستهزاء بدينه، ولا يرضَى به، فإن لم يقدر انصرفَ عنه، فإن اللهَ تعالى قال عمَّن جلس مع المستهزئين (إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ) فإنكم إذا مثلهم علةٌ للنهي، أي: لأنكم إنْ قعدتُم معهم وقت الخوض، كُنتُم مثلهم، وهو من بابِ التغليظ، والتخويفِ للمؤمنين من مجالسةِ المستهزئين، فالمماثَلةُ للمستهزئينَ ليستْ بالضرورة في كلِّ الصفات، فهي للمؤمنين مثلهم في أصلِ المعصية، لا في قدْرِها، و(إِذًا) واقعةٌ جوابًا لشرط محذوف، تقديره: إن قعدتم معهم إِذًا إنّكم مثلهم، واستفيدتِ المشابهةُ لعموم الكافرين في (مِثْلُهُمْ) من الإضافة، واستغني بها عن الإتيان بالجمع (أَمْثَالُهُمْ).

(إِنَّ اللهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا) بيانٌ يفيدُ أن من نزلتْ فيهم الآية مِن الجالسينَ مع المستهزئين كانوا منافقين، ولذا قال عنهم: فالله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعًا؛ القاعدين والمستهزئين، وفيه تصريحٌ للمنافقين بأن تظاهرَهُم بالإسلام لم ينفعْهم.

(الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ اللهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ وَإِن كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُم مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَن يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا)[النساء:141].

(الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ) صفةٌ للمنافقين، فمِن صفاتِهم التربصُ بالمؤمنين، والتربصُ منهم: الانتظارُ والترقب لما يحدث للمؤمنين، ثم بَيَّن القرآن هذا التربصَ الذي ينتظرونه، بقوله مخاطبًا المؤمنين (فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ اللهِ) نصرٌ للمسلمين وغنائم، قال لهم المنافقون (أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ) عَدُّوا أنفسَهم من المؤمنين، وقالوا لقد كنا معكم؛ لأنهم كانوا يُظهرون الإسلام، ويُسمّون أنفسهم مسلمين، وليُلبِسوا الأمر على المسلمين، كانوا يخرجون مع المجاهدين، وكثيرًا ما كان خروجهم للتخذيلِ والتثبيطِ، فكانوا يَرَوْن أن هذا سببٌ كافٍ؛ ليكون لهم حظٌّ من الغنيمة (وَإِن كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ) بأن كانت لهم جولة وغلبة في بعض المعارك (قَالُواْ أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ) نَسْتَحْوِذْ: من الاستحواذ، يقال: استحوذ واستحاذ، مثل: استجوَبَ واستجاب، والاستحواذ: الغلبةُ، أي: قال المنافقون للمشركينَ الذين حصلتْ لهم غلبةٌ: ألم نغلّبكم على المؤمنين بتخذيلنا وتثبيطنا لهم، ونصرتنا لكم، وخروجنا معكم (وَنَمْنَعْكُم مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ) بالتخذيل والتثبيط، قالوا ذلك للمشركينَ يمنُّون عليهم، بأنهم لولاهم لما انتصروا على المسلمين، وبذلك يكونُ لهم نصيبٌ فيما غنموه منهم، وعُبّر عن غلبة المشركينَ بالنصيب؛ تحقيرًا لشأنها، وأنها حظٌّ قليلٌ، سرعانَ ما يزول، وعن نصر المسلمين بالفتح، وأنه مِن الله؛ تنويهًا به وتفخيمًا لأمره، وأنه باقٍ (فَاللهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) يَحكم بين المسلمين وأعدائهم، وحكمه عدلٌ، مَن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره، ومن يَعمل مثقال ذرة شرًّا يره (وَلَن يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا) إذا حُمل النفي في قوله (وَلَن يَجْعَلَ اللهُ) على التحذير، فمعناه: لا يجوزُ أن يتحكمَ الكافرون في مصير المؤمنين، ويكونَ لهم عليهم سلطانٌ وحجةٌ، ولا أن يكونَ للمسلمين في تعاملهم معهم تبعيّةٌ، وإذا حُمل النفي في الآية على الوعد، فإنه يتجهُ للمؤمنين الذين كَمُل إيمانهم، فنَصروا دين الله، وأَقاموا أمره، وعدٌ لهم بأن الكلمةَ تكون لهم على أعدائهم، والتاريخُ يقول: إنهم لما كانوا كذلكَ كان أهلُ الكفر يَخطبونَ ودَّهم، فوعدُ الله لم يتخلفْ فيهم،  وتخلفَ الآن؛ لفقْدِ شرطِه.

[1]) البقرة:63.

[2]) البقرة:14.

[3]) الصف:5.

[4]) البقرة:14.

[5]) المنافقون:8.

[6]) الأنعام:68.

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق