طلب فتوى
الحدود و الجنايات

جنايات على ما دون النفس

جنايات على الأطراف

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (3708)

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

نحن مجموعة من النساء، كنا في مدينة درنة ننتقل بالسيارة من مكان لآخر، فوجدنا بوابةً أمامنا، فخشينا منها، وقمنا بالرجوع بشكل مفاجئ، فقام الواقفون في البوابةِ بالرماية علينا، ظنًّا منهم أن في السيارة أناسًا مطلوبين، فأُصيبت خمس بناتٍ على النحو التالي:

1ـ س: أصيبت في اليد اليمنى إصابةً نتج عنها قطع الأعصاب والأوتار، ولا يمكن أن تنموَ اليد بعد هذه الإصابة.

2ـ ص: أصيبت برصاصةٍ في الكتف، خرجت من الذراع، وجُبر الكسر على عِوج، وتحتاج لعملية تعديل العظم.

3ـ هـ: أصيبت خلف الأُذن برصاصة نتج عنها إصابةُ العصَب السابع، مما تسبب في اعوجاجٍ في الفم.

4ـ م ون: أصيبتا في طبلة الأُذن، وبعد الاستفسار علمنا أن السمع يرجع كما كان.

هل لهؤلاء البنات الدية على جراحاتهم؟ وإن كان لهن الدية، فما مقدارها؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد؛؛

فإن الجراح منها ما فيه دِية مقدرةٌ، سواء كانت عمدًا أو خطأً، ومنها ما فيه حكومةٌ مقدرةٌ، يقررها أهل الخبرة والاختصاص، والأصل فيها حديث أَبِي بَكرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَمْرِو بْنِ حَزمٍ، وفيه: (وَأَنَّ فِي النَّفْسِ الدِّيَةَ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ…وَفِي الرِّجْلِ الْوَاحِدَةِ نِصْفُ الدِّيَةِ… وَفِي الْمُنَقِّلَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ مِنَ الْإِبِلِ…وَعَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفُ دِينَارٍ)[النسائي:4856].

عليه؛ فإن لهؤلاء البنات الحق في الدية على النحو التالي:

س: لها على شَلِّ يدِها نصف دية المرأة، مائتان وخمسون دينارًا ذهبيًّا (1062.5جراما) من الذهب الخالص، أو ما يعادله من المال.

قال ابن أبي زيد رحمه الله: “وفي اليدين الدية أي الكاملة، وكذلك في الرجْلَيْن أو العينَيْن، وفي كل واحدة منهما نِصْفُها” [الرسالة:577].

ص: لها دية المكسور من العظم 15% من دية المسلم، مائة وخمسون دينارًا ذهبيًّا (637.5 جرامًا) من الذهب الخالص، أو ما يعادله من المال، قال العدوي رحمه الله: “(قَوْلُهُ بِتَرْجِيحٍ إلَخْ) أَيْ مِنْ أَنَّ الْمُنَقِّلَةَ هِيَ نَفْسُ الْهَاشِمَةِ وَأَنْ دِيَتَهُمَا وَاحِدَةٌ الْعُشْرُ وَنِصْفُ الْعُشْرِ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ”[حاشية العدوي على الخرشي:8/34]، وهذه الدية على الجاني وليست على العاقلة؛ لأنها لا تحمل ما كان أقل من ثلث الدية، قال زروق رحمه الله: “ولا تحمل العاقلة…اعترافا وتحمل من جراح الخطأ ما كان قدر الثلث فأكثر، وما كان دون الثلث ففي مال الجاني” [شرح الرسالة:2/1172].

هـ: تُحسب الدية بحسب ذهاب النطق؛ هل ذهب ربعه فيكون لها ربع دية، أو نصفه فيكون لها نصف دية، قال الخرشي رحمه الله: “وَيَرْجِعُ فِي نَقْصِهِ لِمَا يَقُولُهُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ النَّاشِئِ عَنْ اجْتِهَادِهِمْ فِي ذَلِكَ مِنْ ثُلُثٍ أَوْ رُبُعٍ وَيُعْطَى الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِقَدْرِهِ” [شرح مختصر خليل:8/39].

م و ن: تُحسب الدية بحسب ذهاب سمع الأذن المصابة؛ هل ذهب ربعه فيكون لهما ربع دية، أو نصفه فيكون لهما نصف دية، قال خليل رحمه الله: “لا أعلم خلافًا أن في السمع الدية وفي أحدهما نصفه، فإن نقص منهما أو من أحدهما فبحسابه” [التوضيح:8/155].

فإن عاد السمع كما هو رُدت الدية، قال الزرقاني رحمه الله: “(وردّ) العقل للجاني من المجني عليه…(في عود البصر)…وكذا في عود السمع والكلام والعقل”[شرح الزرقاني على مختصر خليل:8/72].

ويراعى في دية الذاهبِ سمعُها ونطقُها مقدار الدّية، فإن كانت الثلث فأكثر فهي على العاقلة، وإن كانت أقل من الثلث فهي على الجاني، وليست على العاقلة؛ لأنها لا تحمل ما كان أقل من ثلث الدية، ولأهل المجني عليهم أن يصطلحوا مع الجاني، ولو بأقلّ مما ذكر، إذا رأوا ذلك، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد ميلاد قدور

حسن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

09/ ربيع الآخر/ 1440هـ

16/ 12/ 2018م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق