طلب فتوى
الشركةالفتاوىالمعاملات

حكم اتهام الشريك شريكه في التجارة

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5232)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

دخل الطرفان (ط) و(ش) في شركة مناصفةً في رأسِ المال والربح، وكان الاتفاق أن يكون العمل من كليهما، ولكن مع الوقت ظل ط يباشر معظم العمل بنفسه، واكتفى أشرف بالمتابعة والعمل القليل، فطلب ط أن يأخذ أجرة مقطوعة كل شهر مقابل عمله لوحده، فوافق ش على ذلك، وكانت أرباح الشركة توزع بينهما شهرَ أبريل من كل عام، وظل الحال على ذلك حتى حدث الخلاف بينهما عام 2023م وأرادَا فض الشركة، فطلب ط أن يكون فض الشركة بالنظر في الموجود من أصول وبضاعة وأموال في الخزينة، فيُقْسَم كل ذلك مناصفةً، فرفض ش ذلك، وطالبه بإجراء جرد موثَّقٍ بالأوراق والفواتير لحساب رأس المال والربح؛ لتُجرَى القسمة بناءً عليه، فهل لـ ش الحق في مطالبته ط بذلك؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن المقرر في باب الشركة أن الشريك مؤتمنٌ، ما لم يظهر كذبه، وما دام (ش) كان يأخذ الأرباح في السابق دون أن يكشف على الفواتير، فهو رضًى منه بطريقة صاحبه في حساب الأرباحِ، ويعد ذلك بمنزلة ائتمانه لشريكه، وعدم تخوينه إياه، فإذا اتهمه الآن بأنه ربما أخفى شيئًا من البضاعة، أو أنه ربما اشترى بضاعة وباعها وربح فيها، واستأثرَ بالربح دونه، ولم تكن له على دعواه قرينة قويةٌ، فلا يُسمع قولُه؛ قال ابن شاس رحمه الله حين ذكر أحكام الشركة: “الحُكْمُ الثَّالِثُ: تَأْمِينُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَيَكُونُ القَوْلُ قَوْلَهُ أَيْضًا فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ تَلَفٍ أَوْ خُسْرَانٍ مَا لَمْ ‌يَظْهَرْ ‌كَذِبُهُ”. [عقد الجواهر الثمينة: 833/2].

وقال الخرشي رحمه الله: ‌”الشَّرِيكُ ‌أَمِينٌ فِي مَالِ الشَّرِكَةِ، فَإِذَا كَانَ بِيَدِ أَحَدِهِمَا شَيْءٌ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ، فَقَالَ تَلِفَ مَا بِيَدِي كُلًّا أَوْ بَعْضًا أَوْ خَسِرْتُ فِيهِ، فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينٍ إِنِ اتُّهِمَ” [شرح الخرشي: 46/6]، فإذا كان (ش) يتهم صاحبه بما ذكر، دون أن تكون هناك قرينة قوية، توجب زوال الأمانة عنه، فإن (ط) يُصَدَّق في نفي هذه التهمة، بعد أن يحلف بالله الذي لا إله إلا هو أنه ما أخفى شيئًا من البضاعة عن صاحبه، ولا استأثر بشيء من الربح دونه، قال بناني رحمه الله: “فَالتُّهْمَةُ الْقَوِيَّـةُ تُوجِبُ الضَّمَانَ، وَغَيْرُ القَوِيَّةِ تُوجِبُ الحَلِفَ” [حاشية بناني على شرح الزرقاني: 87/6]، ولا يلزمه أن يأتي بمحاسب ليجرد وراءه؛ لأنه أمين كما سبقَ، يصدق في نفي التهمة بيمين، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد الدائم بن سليم الشوماني

عبد الرحمن بن حسين قدوع

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

23//ذو الحجة//1444هـ

11//07//2023م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق