بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (3780)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
تنازل عمي (م) عن حقه في جملة من الأراضي، لأخويْهِ (هـ)، و(ح)، مقابل أن يتنازلا عن بيتيهما في تونس، علما بأنه تنازل عن قطعتين فقط وبافي الأراضي كان عليها نزاع مع أبناء عمومتنا، وتم إبلاغه بهذا وقت التنازل، وبعد أن توفي عمي (م) انتهى النزاع، ورجعت الأرض ملكًا لجدي (د)، فهل لعمي (م) نصيب من الميراث؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فتفسد الصفقة في المبيع أو بعضه إذا كان في تخليصه خصومة، وبيع ما فيه خصومة لا يجوز للغرر؛ إذ لا يدرى أيصير ملكا للمشتري أم لا، فإن الصفقة تفسد كلها؛ لأنها جمعت حلالا وحراما، والصفقة إذا جمعت حلالا وحراما تفسخ كلها، هذا هو الأصل، قال المواق رحمه الله: “(وَعَدَمُ حُرْمَةٍ وَلَوْ لِبَعْضِهِ) الْبَاجِيُّ: مَشْهُورُ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّ الصَّفْقَةَ إذَا جَمَعَتْ حَلَالًا وَحَرَامًا بَطَلَ جَمِيعُهَا” [التاج والإكليل:6/85]، ومما ذكره التسولي رحمه الله من صور الجهالة: “لَا بُدَّ مِنْ تَسْمِيَةِ الْحَظِّ الْمشَاعِ وَبَيَانِ قَدْرِهِ وَإِلاَّ فَسَدَ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ، كَمَا فِي نَوَازِلِ الْعَلَمِي وَابْنِ سَلمُونَ، وَبِهِ تَعْلَمُ فَسَادَ مَا يَقَعُ كَثِيراً مِنْ بَيْعِ بَعْضِ الْوَرَثَةِ نَصِيبَهُ فِي الْمِيرَاثِ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ قَدْرِهِ” [البهجة شرح التحفة:2/9].
ومرورُ مدة طويلةٍ على الصلح يصعبُ معها نقضُه، ويجعلُنا نقولُ بعدم نقضِهِ، عملًا بقولِ مَن يجوِّزه، كما نقل الحطاب رحمه الله: “وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: إنْ كَانَ حَرَامًا فُسِخَ أَبَدًا، وَإِنْ كَانَ مَكْرُوهًا فُسِخَ بِحِدْثَانِ وُقُوعِهِ، فَإِنْ طَالَ أَمَدُهُ مَضَى، وَقَالَ أَصْبَغُ: بِجَوْزِ حَرَامِهِ وَمَكْرُوهِهِ، وَإِنْ كَانَ بِحِدْثَانِ وُقُوعِهِ، خَلِيلٌ لَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْحَرَامِ الْمُتَّفَقُ عَلَى تَحْرِيمِهِ وَبِالْمَكْرُوهِ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ اهـ” [مواهب الجليل:5/84].
عليه؛ فإنه لا نصيب لعمِّك من الميراث، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
حسن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
05/ جمادى الآخرة/ 1440هـ
10/ 02/ 2019م