طلب فتوى
التبرعاتالحج والهدي والأضاحيالعباداتالفتاوىالمعاملاتالهبة

حكم صرف تكاليف الحج والعمرة من صندوق التكافل الاجتماعي

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5169)

 

السيد المحترم/ رئيس لجنة صندوق التكافل الاجتماعي بشركة هاتف ليبيا.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تحية طيبة، وبعد:

فبالنظر إلى مراسلتكم المتضمنة السؤال عن حكم استفادة الموظفين المنتسبين لصندوق التكافل الاجتماعي، بتحمل تكاليف الحج التي تحددها الدولة، عمن اختير عبر قرعة الحج، وكذا منح تكاليف أداء العمرة للموظفين بعد إجراء قرعةِ بينهم، وذلك بعد التعديل في لائحة الصندوق، وإضافة بند مفصل لهاتين المنحتين، وما حكم إذا تكفلت الشركة بتحمل هذه التكاليف من ميزانيتها؟

فالجواب كالتالي:

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أمّا بعد:

فالأصل في إنشاء صندوق التكافل أنْ يكون عونًا على وجوه البر؛ كإعانة العزب على الزواج، والمريض على العلاج، وسداد القرض عن المعسر، وهذا أمرٌ مشروعٌ محمود، ومِن التعاون على البر والتقوى، قال الله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [المائدة:2]، وقال صلى الله عليه وسلم: (وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ) [مسلم:2699]، ومن يدفع جزءًا من المال كل شهر إلى هذا الصندوق، طواعيةً منه، لا يدفعها ليغامر بها رغبةً في أخذ أكثر مما يعطي، وكسبِ مالِ الآخرين، وإنما يفعل ذلك ليعينَ نفسه ويعين غيره، في فكِّ ضيقتِه ورفعِ كربته.

فإذا خرج عن هذا القصد وهو التعاون والتكافل إلى المغالبة والمقامرة، المبنية على الاستحقاق بالسحب والقرعة، خرج عن أصله في البر والتعاون إلى القمار؛ لأن المشترك يصير كأنه دفع القسط بمائة مثلا على أمل أن تخرج له القرعة فيتحصل على سبعة آلاف يعتمر بها، وقد يدفع المائة ولا يتحصل على شيء، وهذا هو القمار بعينه، وتخصيص المؤسسة بعض موظفيها بدفع تكاليف العمرة والحج من مال الخزينة العامة، فهذا يحتاج إلى تشريع يخصه من الجهة التي تملك هذا التشريع، ولا يكون باجتهاد رئيس المؤسسة أو مجلسها، وإلا لأدى إلى التساهل في صرف المال العام بناء على اجتهادات فردية تدخل فيها المحاباة، ولا تحقق العدالة المطلوبة في صرف المال العام، هذا لأن حرمة المال العام أعظمُ من حرمة المال الخاص؛ لكثرة الحقوق المتعلقة به، وتعدُّد الذِّمَمِ المالكةِ له، ولقد أنزله أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه منزلةَ مال اليتيم، الذي تجب رعايتُه وتنميتُه، ويحرم أخذه بغير وجه حق، والتَّفريط فيه [مصنف ابن أبي شيبة:32914]، والله أعلم.

وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم

 

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد العالي بن امحمد الجمل

حسن بن سالم الشريف

 

الصّادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

12//رمضان//1444هـ

03//04//2023م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق