طلب فتوى
البيعالفتاوىالمضاربةالمعاملات

حكم ضمان رأس المال في المضاربة

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (3206)

 

ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:

تم التعاقد في شهر (2015/12) بين شركة ليبيا الطبية، وجهاز الإمداد الطبي، على توريد كحول طبي لمخازن الجهاز، فلما تعثرت الشركة في الإيفاء بالعقد، تعاقدت في شهر (2016/2) مع ممول يدفع خمسين ألف دولار، وكان سعر الدولار يومئذ (2.6 دينار)، على أن يتم ترجيع المبلغ بالدولار في ستة أشهر من تاريخ استلام المبلغ، ويكون للممول نسبة (%30) من الأرباح، ولا يتحمل إلا نسبة (%30) من الخسائر.

تم تحويل المبلغ إلى شركة تركية، واستيراد كحول طبي في عبوات سعة (1000) لتر، وتكفل الطرف الأول بدفع مصاريف المناولة البحرية والجمرك والضرائب، وعبوات سعة خمس لترات، وعبوات لتر واحد، والملصقات، والتغليف، والعمال، والنقل إلى مخازن الإمداد الطبي.

تم تسليم الكحول إلى الجهاز في شهر (2016/4) بقيمة مائتين وأربعة عشر ألف دينار تقريبا، والاتفاق مع الجهاز على السداد الفوري، ولكن لم يسدد المبلغ إلى اليوم.

والآن يطالب الممول بسداد المبلغ بالدولار مع نسبة الأرباح المتفق عليها، علما بأن سعر الدولار قارب السبعة دينارات، فما حكم ذلك؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن هذه المعاملة المسؤول عنها مضاربة فاسدة؛ لأنها تضمنت اشتراطَ ضمان رأس المال، وهذا الشرط جعل المعاملة قرضًا بفائدة، والربح عليه ربًا، وكذلك اشتراط صاحب المال عدم تحمل إلّا نسبة (30%) من الخسارة، شرط فاسد؛ لأنّ العامل في المضاربة عند الخسارة، لا يخسر إلا جهده، ولا يجوز أن يُضمن شيئا إذا لم يفرط ويهمل.

ومما يفسد المعاملة من جهة أخرى، ويؤكد أن حقيقة هذه المعاملة قرض بفائدة؛ أن هذا المبلغ أخذته الشركة لتتغلب به على صعوباتها المالية، مقابل جزء من الربح، وصاحب المال دخل على شيء قائم، فهي كمن عقد على سلعة، ولم يجد الثمن، فأدخل معه شريكا فيها، فيكون قرضا، لا مضاربة، قال خليل رحمه الله: “وبعد اشترائه إن أخبره فقرض” [المختصر:198]، قال الدردير رحمه الله شارحا: “ومعناها: أن الشخص إذا اشترى سلعة لنفسه بثمن معلوم نقدا، فلم يقدر على نقده، فقال لآخر: قد اشتريت سلعة كذا بكذا، فادفع لي الثمن؛ لأنقده لربّها، على أن ربحها بيننا مناصفة مثلا، فدفعه له على ذلك، فيمنع، ولا يكون من القراض، بل هو قرض فاسد؛ لأنه لم يقع على وجه القرض المعروف، فيلزمه رده على الفور، فإن أخذ به السلعة، فالربح للعامل وحده، والخسر عليه” [الشرح الكبير:521/3].

وعليه؛ فيجب فسخ هذه المعاملة، ورد هذا المبلغ لصاحبه بالدولار، دون زيادة، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد محمد الكوحة

أحمد ميلاد قدور

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

16/جمادى الأولى/1438 هـ

13/فبراير/2017م

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق