طلب فتوى
التبرعاتالفتاوىالمعاملاتالهبة

فقد الحيازة يبطل الهبة

من شروط صحة الهبة حيازتها في حياة الواهب

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (3916)

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

وهب رجل أربعة أخماس دار سكناه لزوجته وبناته الثلاث، خُمسًا لكل واحدة منهن، واشترط عدم تصرفهن في الموهوب إلّا بعد وفاته، فما حكم هذه الهبات؟ علما بأن الزوجة بقيت تسكن الدار حتى توفيت قبل زوجها بأسبوع، وأن الواهب سكن في الدور الأول من الدار الموهوبة حتى وفاته، ولم يستثن سكنى جزء، ولم يخرج متاعه منها، وأن إحدى البنات سكنت الدور الثاني للمنزل مع زوجها قبل وفاة الواهب، فيما لم تسكن البنتان الأخريان الدار.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن من شرط تمام الهبة أن يحوزها الموهوب له في حياة الواهب، ويتصرف فيها تصرف المالك في ملكه، قال ابن أبي زيد القيروانيّ رحمه الله: “وَلَا تَتِمُّ هِبَةٌ وَلَا صَدَقَةٌ وَلَا حُبُسٌ إِلاَّ بِالْحِيَازَةِ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ تُحَازَ فَهِيَ مِيرَاثٌ” [الرسالة:117]، وهبة الزوج دار سكناه لزوجته لا تصح، ما دام ساكنًا معها في نفس الدار؛ لأنه لا تتأتّى لها حيازتها، حيث إن سكناها فيها تبع له، فلا تعد الهبة صحيحة؛ قال الدردير رحمه الله: “(وَ) صَحَّتْ (هِبَةُ زَوْجَةٍ دَارَ سُكْنَاهَا لِزَوْجِهَا، لاَ الْعَكْسُ) وَهْوَ هِبَةُ الزَّوْجِ دَارَ سُكْنَاهُ لِزَوْجَتِهِ، فَلَا يَصِحُّ لِعَدَمِ الْحَوْزِ؛ لِأَنَّ السُّكْنَى لِلرَّجُلِ لاَ لِلْمَرْأَةِ، فَإِنَّهَا تَبَعٌ لَهُ” [الشرح الكبير:4/106]، وأما هبته لبناته دار سكناه فيشترط لصحتها أن يخليها من متاعه، أو يسكن أقلها، فإنْ سكن أكثرها بطل الجزء الذي سكنه، وصح ما لم يسكنه، قال الدسوقي رحمه الله: “وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ سَكَنَ جَمِيعَهَا بَطَلَ الْجَمِيعُ كَانَ الْوَلَدُ كَبِيرًا أَوْ صَغِيرًا، وَإِنْ أَخْلَاهَا كُلَّهَا مِنْ شَوَاغِلِهِ أَوْ سَكَنَ أَقَلَّهَا صَحَّ جَمِيعُهَا كَانَ الْوَلَدُ كَبِيرًا أَوْ صَغِيرًا، وَإِنْ سَكَنَ الْأَكْثَرَ بَطَلَ الْجَمِيعُ إنْ كَانَ الْوَلَدُ صَغِيرًا وَبَطَلَ مَا سَكَنَهُ فَقَطْ إنْ كَانَ كَبِيرًا” [حاشية الدسوقي: 4/108].

عليه؛ فإن كان الواقع ما ذكر في السؤال، فإنّ هبة البيت للزوجة باطلة، وهبته للبنات تكون باطلة للبنتين اللتين لم تسكنا الدار، وصحيحة في خُمس البيت للبنت التي سكنت الدور الثاني، وذلك بناء على أحدِ الأقوال في المسألة، التي ذكرها الحطاب  رحمه الله في تحرير الكلام على مسائل الالتزام ص401، في الهبة المشروطة بعدم البيع، أنّ الهبة صحيحةٌ والشرطَ باطلٌ، ويرجع باقي البيت ميراثًا لجميع الورثة الأحياء يوم وفاة المورث، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد ميلاد قدور

عبد الدائم سليم الشوماني

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

21/شوال/1440هـ

24/06/2019م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق