طلب فتوى
الأسرةالطلاقالفتاوىالنكاح

كيف يتم ترجيع المطلقة لو خرجت من العدة؟

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5206)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

أنا (ف) حدثت مشادة كلامية بيني وبين زوجتي، فغضبتُ غضبًا شديدًا ازدادَ بطلبها مني الطلاق، فقلتُ لها: “أنتِ طالق” فقط مرةً واحدةً، والله شهيدٌ على أني كنتُ في حالة غضب شديدٍ جدًّا، لكني أتذكر ما تلفَّظتُ به، علمًا أني لم أطلق قبل ذلك، وأن الزوجة قد خرجت الآن من عدتها، فكيف أرجع زوجتي؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإنّ العقلَ هو مناطُ التكليفِ والمؤاخذةِ بالأقوالِ والأفعال، فإذا كان المطلِّقُ يعِي ما يقول، ويقصدُ ما تكلمَ به؛ فالطلاق واقعٌ، وأما إن كان المطلقُ شديدَ الغضب وقتَ الطلاق، إلى درجةٍ لا يعِي فيها ما يقولُ، ولا يشعرُ بما صدرَ منه؛ فالطلاقُ لا يقعُ؛ لأنه صارَ في حكم المجنونِ فاقدِ العقل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّغِيرِ حَتَّى يَكْبَرَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ أَوْ يُفِيقَ) [الترمذي: 142]، وقال الصاوي رحمه الله: “يَلْزَمُ طَلَاقُ الْغَضْبَانِ، وَلَوِ اشْتَدَّ غَضَبُهُ … وَكُلُّ هَذَا مَا لَمْ يَغِبْ عَقْلُهُ، بِحَيْثُ لَا يَشْعُرُ بِمَا صَدَرَ مِنْهُ، فَإِنَّهُ كَالْمَجْنُونِ” [حاشية الصاوي: 449/1].

عليه؛ فإن كان الحال كما ذكر، من أن السائل تلفظ بالطلاق في وعيٍ منه وإدراكٍ لما يقول، وإن كان الغضب شديدًا، فقد لزمته طلقة واحدة، وبخروج الزوجة من عدتها بانت من الزوج بينونة صغرى، ويجوز له أن يُرجعها لذمته؛ لأن هذه الطلقة هي الأولى، لكن بعقد جديد وصداقٍ وشاهدين، قال القرطبي رحمه الله: “فَإِنْ لَمْ يُراجِعْهَا الْمُطَلِّقُ حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، فَهِيَ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا، وَتَصِيرُ أَجْنَبِيَّةً مِنْهُ، لَا تَحِلُّ لَهُ إِلَّا بِخطْبَةٍ وَنِكَاحٍ مُسْتَأْنَفٍ” [الجامع لأحكام القرآن: 448/5]، وعلى الزوج أن ينتبه لنفسه، ويبتعد عن الطلاق، فلم يبقَ له إلّا طلقتان، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد العالي بن امحمد الجمل

حسن بن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

18//ذو القعدة//1444هـ

07//06//2023م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق