طلب فتوى
الأسئلة الشائعةالفتاوىالقرضالمعاملات

هل يجب رد الدين بعينه؟ أم يجوز رده بالقيمة حال التضخم الفاحش؟

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5207)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

توفي أبي سنة 2008م، وترك عقارات، بعضها غير قابل للقسمة، فقمتُ أنا وإخوتي بتقيـيـمها عن طريق مثمن قانوني، ثم اشترينا حصة زوجة أبي، وحصة أخواتي، فأعطينا الزوجة نصيبها كاملًا، وأعطينا كل أخت من أخواتنا ثلثي حصتها فقط (11500 د.ل.)، على أن يبقى الثلث الباقي دينا علينا (6077 د.ل.)، ولم نقضِ هذا الدين إلى يومنا هذا؛ إهمالا وتقاعسًا منا، فهل يُسدد الدين حاليا بالقيمة المذكورة، أو تجب إعادة تقويم العقارات بالسعر الحالي؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فالبيعُ إذا انعقدَ بين المتبايعين صحيحًا لازمًا، ولا غَبنَ فيه، بما لا يقلّ عن سعرِ السّوق في وقت تقرّر البيع، وبالرضا الكامل بين الأطراف دون وقوعه تحت إكراه أو أخذه بسيف الحياء انتقلَ ملك المبيع بموجَبه إلى المشتري، وصارَ الثمن دينًا في ذمته للبائع، ولا ينظر إلى سعر العقار لو بيع في وقت آخر، أيزيدُ أم ينقص؛ لأنّ من باعَ شيئًا بثمن سيشتري مثله بمثل ما باع، فلا غبن فيه.

والديون يجب دفعُها عند حلول أجلها المتفقِ عليه، ولا يجوز للمدينِ إذا كان قادرًا مماطلةُ الدائنِ في دَينه، ويأثمُ بذلك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلمٌ) [البخاري: 2166]، فقوله صلى الله عليه وسلم: (ظُلْمٌ) يدلّ على أن مماطلة الغني في قضاء الدين كبيرةٌ من كبائر الذنوبِ، تُحلُّ عرضَهُ وعقوبتهُ كما جاء في بعض الروايات.

عليه؛ فإن كان الحال كما ذكر، فلا يجوز أن يفرضَ البائع -وهنّ البنات- على المشتري -وهم الأبناء- زيادةً على الدينِ بسبب تغيّر قيمة العقار، ما لم يكن البيع من البنات قد وقع تحت إكراه أو بسيف الحياء، وما لم يكن التغير في قيمة الدين (النقود) فاحشًا، بين وقت البيع ووقت سداد الدين، فإن وقع شيء من ذلك فيجب على المشتري حينئذٍ أن يُرضيَ البائع، وذلك بأن يتصالح معه على إعطائهِ بالمعروف ما يتقاسمان فيه الضرر، ويكون التصالح بالاتفاق على قدرٍ من المال، زيادةً على القدر المتبقي من الثمن الأصلي يتراضيانِ عليه، من باب التصالح الذي يحصل به إبراءُ الذمم من الطرفين؛ لأن الثمن الأصلي مقارنة بقيمة الوقت بخسٌ ونقصانٌ، وفيه إضرار كبير بالبائع، حيث تغيرت القيمة سلبا في الوقت الحاضر، جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي رقم 231 (24/2): “عِنْدَ حُصُولِ التَّضَخُّمِ الْفَاحِشِ بَعْدَ نُشُوءِ الدَّيْنِ لاَ مَانِعَ مِنِ اتِّفَاقِ الدَّائِنِ وَالْمَدِينِ عِنْدَ السَّدَادِ عَلَى رَدِّ الدَّيْنِ بِالْقِيمَةِ أَوْ تَوْزِيعِ الضَّرَرِ بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ صُلْحاً، وَيَجُوزُ إِمْضَاؤُهُ قَضَاءً أَوْ تَحْكِيماً”، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد العالي بن امحمد الجمل

حسن بن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

18//ذو القعدة//1444هـ

07//06//2023م

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق