طلب فتوى
الفتاوىالمعاملاتالوكالة

من مسائل الوكالة بأجرة

الزيادة في قيمة فاتورة الاعتماد المستندي

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (3971)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية الأسئلة التالية:

  • أعمل محاسبًا شخصيًّا مع صديقٍ لي، لديه شركة استيراد وتصدير بدولة الإمارات، شاركَ مؤخرًا شركةً ليبية لاستيراد الأدوية بنصف رأس المال، مقابل 50% من الأرباح، وعندما علم شركاؤه الليبيون أن لديه شركة تصدير بالإمارات، طلبوا منه أن يتعاقد مع شركات أدويةٍ خارجيةٍ؛ لتكون شركته الموجودة بالإمارات هي المخاطبة بالاعتماداتِ المستندية، ويأخذ مقابل ذلك 10% زيادة على الفاتورة الأصلية للبضاعة، علما بأن شركتَه بالإمارات تقوم بشراء البضاعة من شركات أخرى، وتسديدِ المبالغ المستحقة وأيةِ مصاريف أخرى من الشحن ونحوه، حتى تصبح البضاعة جاهزة للتصدير إلى ليبيا من قبل شركتِه، وبعدها يرسل فاتورة إلى المصرف الليبي بكامل القيمة من التكاليف الفعلية، بالإضافة إلى 10% لشركته والمصاريف الأخرى؛ ليتم تسديدها عن طريق الاعتماد، علما بأنه يُعلم شركاءه بقيمة البضاعة الحقيقية قبل زيادة 10% والمصاريف، فهل تجوز هذه الطريقة في العمل؟ وما هي الطريقة الشرعية في حال عدم جوازها؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن طلبَ الشركاء الليبيين من شريكهم شراء الأدوية من الشركات الخارجية، يعد توكيلا بالشراء، والنسبةُ التي يأخذها زيادة على سعر الأدوية، تعدُّ أجرة من الثمن، والوكالة بأجرة جائزة، قال بن شاس: “وَإِن كَانَتِ الْوَكَالَةُ بِأُجْرَةٍ عَلَى سَبِيلِ الإِجَارَةِ فَهْيَ لاَزِمَةٌ مِنَ الطَّرَفَيْنِ، وَيَجِبُ حِينَئِذٍ أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ مَعْلُوماً كَمَا فِي الإِجَارَةِ”[عقد الجواهر الثمينة:832/2 ].

عليه؛ فإن طريقة العمل هذه جائزةٌ شرعًا، وينصح صديقك إذا كان يريد السلامة لدِينه بألَّا يتّخذَ مقرًّا لتجارته في دولةٍ مُحاربة لوطنه، تَقتلُ إخوانه في ليبيا بأموالها وسلاحها؛ لأن في اتخاذ دولة محاربة لبلده مقرًّا لنشاطهِ، دعمًا وعونا لها على ما تفعله بالمسلمين في بلدهِ وفي بلاد أخرى، قال الله تعالى: ﴿وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾[المائدة:3]، ومن أعان ظالمًا كان شريكًا له في الظلم، والله لا يحب الظالمين، وقال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾[الأنعام:130]، والله أعلم.

 

  • نفس الشريك هو شريك في شركة استيراد وتصدير بدولة سلوفاكيا، فأخبر شركاءه الليبيين عن هذه الشركة، وأنها موثوقة في استيراد الأدوية، فقام الشركاء بطلب فاتورة من هذه الشركة، وتمت الموافقة على الأسعار والأصناف، علمًا بأن هذا الشريك له نسبة ربح من الشركة السلوفاكية بمقدار 50%، ولكنه في هذه الصفقات لم يبلغ شركاءه المحليين بشراكته فيها، ولم يأخذ عليهم نسبة زائدة عمّا يأخذه عادة من الشركة السلوفاكية، فما الحكم في هذا العمل؟ علما بأن الشركاء اشتروا منها برغبتهم واختيارهم، ولم يفعل الشريك شيئا غيرَ تزكيتها لهم من حيث الموثوقية والجودة.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فالمطلوب شرعًا الصدق والتبيين والنصحُ في البيع، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا)[البخاري: 2079].

عليه؛ فلا يجوز للشريك أن يقوم بهذا العمل، إلَّا إذا بيَّن أنهُ شريكٌ وله ربحٌ مِن وراء هذه النصيحة؛ لأنهم عندما تعاملوا مع الشركة ظنّوا أنه مجرد ناصح محَّضَ لهم النصح، وهو في الواقع غير ذلك، حيث إنهم لو علموا أن له حصة في هذه الشركة لتحرَّوا عنها من جهة أخرى غيره، وبذلك يكون قد غررَ بهم إذا لم يبين أنه شريك، والله أعلم.

 

  • هل يجوز الزيادة في قيمة فاتورة الاعتماد المستندي؛ من أجل تسييل المبالغ المجمدة بالبنك، والاستفادة من فرق سعر الصرف لتأدية أعمال أخرى؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فلا يجوز الزيادة في قيمة المشتريات في فاتورة الاعتماد المستندي؛ لما فيه من الغش والكذب، وأكل أموال الناس بالباطل، ومخالفة اللوائح والنظم، والتأثير على اقتصاد البلاد، قال الله تعالى: (يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ) [النساء:29]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وَاللهِ لاَ يَأْخُذُ أَحَدٌ مِنْكُمْ شَيْئًا بغَيْرِ حَقِّهِ إِلاَّ لَقِيَ اللهَ يَحْمِلُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ) [البخاري:6492]، وقال صلى الله عليه وسلم: (مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي) [مسلم:102]، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد ميلاد قدور

عبد الدائم سليم الشوماني

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

10// محرم// 1441 هجرية

09// 09// 2019م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق