طلب فتوى
التبرعاتالفتاوىالمعاملاتالهبة

هبة صحيحة لازمة نافذة

تحقق الحيازة في الهبة يمضيها

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5215)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

تنازل (ع ع ف) عن قطعة أرض، لزوجته (ف ش)، وابنته (ح) وابنيه (أ)، و(هـ)، سنة 2004م، لما أراد الزواج بزوجةٍ ثانية، ولم يحدد في وثيقة التنازل نصيب كل منهم، وقد تحصل المتنازل لهم على تعويض من الدولة؛ نظرًا لوقوع الأرض في مسار الطريق، فكيف يتم قسمة التعويض بين المتنازَل لهم؟ علما أنهم تصرفوا في الأرض بالبناء، وأن المتنازِل لا زال حيًّا.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فالتنازل المذكور هبةٌ، ومن شرط تمام الهبة أن يحوزها الموهوب له في حياة الواهب، ويتصرف فيها تصرف المالك في ملكه، قال ابن أبي زيد القيروانيّ رحمه الله: “وَلَا تَتِمُّ هِبَةٌ وَلَا صَدَقَةٌ وَلَا حُبُسٌ إِلاَّ بِالْحِيَازَةِ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ تُحَازَ فَهِيَ مِيرَاثٌ” [الرسالة:117]، والحيازة كما قال أبو الحسن المنوفي رحمه الله: “هيَ وَضْعُ اليَدِ وَالتَّصَرُّفُ فِي الشَّيْءِ المحَوُزِ كتَصَرُّفِ الماَلِكِ في ملكِهِ بالبِنَاءِ والغَرْسِ والْهَدْمِ وَغَيْرِهِ مِن وُجُوهِ التَّصَرُّفِ” [كفاية الطالب الرباني:482/2].

عليه؛ فإن كان الحال كما ذكر، فالهبة صحيحةٌ لازمةٌ؛ لحصول الحيازة، ويقسم التعويض على الموهوب لهم بالتساوي بين الذكر والأنثى في الحصص؛ لأنه الأصل في الهبات، حيث إن المتنازِل لم ينص في وثيقة التنازل على تفضيل الذكر على الأنثى، قال النفراوي رحمه الله: “وَتُعْطَى الْأُنْثَى مِثْلَ الذَّكَرِ؛ لِأَنَّ شَأْنَ الْعَطَايَا التَّسَاوِي إلَّا لِشَرْطٍ خِلَافِهِ، فَيُعْمَلُ بِالشَّرْطِ” [الفواكه الدواني: 163/2]، ودليل ذلك كما قال ابن رشد رحمه الله: “أَنَّ اللهَ تعالى لَمَّا شَرَّكَ بَيْنَ الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ فِي الثُّلُثِ وَلَمْ يُفَضِّلِ الذَّكَرَ مِنْهُمْ عَلَى الْأُنثَى فِيهِ كَانُوا فِيهِ عَلَى السَّوَاءِ، وَلَمْ يُقَسْ ذَلِكَ عَلَى الْبَنِينِ وَالْبَنَاتِ فِي قَوْلِهِ: ﴿‌يُوصِيكُمُ ‌اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ﴾ [النساء: 11]، ولا على الإخوة والأخوات في قوله: ﴿‌وَإِن ‌كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ﴾ [النساء: 176]” [البيان والتحصيل: 260/12]، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد بن ميلاد قدور

حسن بن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

22//ذو القعدة//1444هـ

11//06//2023م

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق