طلب فتوى
الأقضية والشهاداتالتبرعاتالفتاوىالمعاملاتالمواريث والوصاياالهبة

هل شهادة الأعمام لأولادِ أخيهم معتبرة؟

هل يعتد بشهادة الأعمام لأولادِ أخيهم؟

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5073)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

نحن أولاد (ر)، المتوفى سنة 2013م، و(غ) المتوفى سنة 2016م، ابنَيْ (م)، المتوفى سنة 2020م، تنازل لنا جدنا عن حصته من ميراث ابنيْهِ، ولم تتنازل جدتنا (ح)، حتى توفيت سنة 2019م، ولنا ثلاثة أعمام، وعمّةٌ واحدة، والآن تطلب عمَّتُنا حصتها من تركة أبويها (مما يستحقانه من تركة ابنيهما المتوفَّيَيْنِ قبلهما)، ونحن نعلم أن جدَّنا تنازل لنا عن حصته، ويشهد بهذا أعمامُنا الثلاثة، غير أن العمَّةَ تقول: لم أسمع بتنازله، فهل ترث عمَّتُنا من سائر تركة أبَوَيها؟ علما أن الأحفاد كانوا بالغين، عالِمين بأمر التنازل قبل وفاة جدهم، وليسوا في نفقة أحد، فقد كانوا يتقاضون الأرباح شهريا، التي استمرت لهم من شركة أبويهما بعد وفاتهما.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإنَّ شهادةَ الأعمام لأولادِ أخيهم؛ كافيةٌ في ثبوت تنازل الجد لهم، إن كانا عَدْلَيْنِ، لأنَّ شهادةَ العمِّ لابنِ أخيه في حقٍّ ماليٍّ جائزةٌ، ما لم يكن الشاهد في عيال المشهود له، أو بين الشاهد والمشهود عليه -وهي العمة- عداوةٌ يتهم بها، قال اللخمي رحمه الله: “وَشَهَادَةُ الرَّجُلِ لِابْنِ ‌أَخِيهِ، وَلِعَمِّهِ، وَابْنِ عَمِّهِ، بِالْمَالِ جَائِزَةٌ، مَا لَمْ يَكُنِ الشَّاهِدُ فِي نَفَقَةِ الْمَشْهُودِ لَهُ، وَلَا تَجُوزُ فِيمَا تَجْمَعُهُمْ فِيهِ الْحَمِيَّةُ وَالْغَضَبُ” [التبصرة: 5904/11]، وتنازلُ الجدِّ عن ميراثه من ابنيه لأولادهما يعدّ من قبيل الهبة، التي يشترط فيها الحيازة حال حياة الواهبِ، قال ابن أبي زيد القيرواني رحمه الله: “وَلاَ تَتِمُّ هِبَةٌ وَلاَ صَدَقَةٌ وَلاَ حُبُسٌ إِلاَّ بِالْحِيازَةِ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ تُحَازَ فَهِيَ مِيرَاثٌ” [الرسالة: 117].

والحيازة في الهبة على الشيوع، تحصل بتصرف الموهوب له مع الشركاء كأنّه واحد منهم، قال الونشريسي رحمه الله: “كُلُّ مَنْ وُهِبَ جُزْءًا مِنْ مَالٍ أَوْ دَارٍ، وَتَوَلَّى -أَي: الْمَوْهُوبُ لَهُ-احْتِيَازَ ذَلِكَ مَعَ وَاهِبِهِ، وَشَارَكَهُ فِي الاغْتِلَالِ وَالارْتِفَاقِ، فَهْوَ قَبْضٌ وَحَوْزٌ” [المعيار المعرب: 196/9].

وعليه؛ فإنَّ الأحفاد يختصّون بحصة جدّهم في الشركة التي ورثها عن ابنه دون ما يخصّ حصّة جدّتهم في ميراثها من الشركة، وتَمَلُّكُهم لحصة الجدِّ صحيحٌ لتمام الحيازة، فلا ترثُ العمةُ من حصة أبيها في ميراثه من ابنَيْهِ المتوفَّيَيْنِ قبله، وترثه فيما عدَا ذلك من مالٍ وعقار، بما فيه ميراثُه من زوجته التي توفيتْ قبله، كما أنها ترث من تركة أمها، التي يدخل فيها نصيبها من ميراثها في شركة ابنَيْها المتوفَّيين، ويَقسم الأحفادُ النصيبَ الموهوبَ لهم بالتساوي بين الذكر والأنثى في الحصص؛ لأنّه الأصل في الهبات، حيث إن الجدَّ لم ينصَّ على تفضيل الذكر على الأنثى، قال النفراوي رحمه الله: “وَتُعْطَى الْأُنْثَى مِثْلَ الذَّكَرِ؛ لِأَنَّ شَأْنَ الْعَطَايَا التَّسَاوِي إلَّا لِشَرْطِ خِلَافِه، فَيُعْمَلُ بِالشَّرْطِ” [الفواكه الدواني: 163/2]، ويحسُنُ بالأحفاد أن يقتطعوا لعمتهم شيئًا من المال، يجبرون به خاطرَها، ويطيبون قلبها من باب الإحسان، قال تعالى: ﴿وَإِذَا ‌حَضَرَ ‌الْقِسْمَةَ أُولُواْ الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلًا مَّعْرُوفًا﴾ [النساء: 8]، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد بن ميلاد قدور

عبد العالي بن امحمد الجمل

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

10//جمادى الآخرة//1444هـ

03//01//2023م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق