طلب فتوى
البيعالتبرعاتالفتاوىالمعاملاتالمواريث والوصاياالوقفالوكالة

هل يجوز توقيت الوقف بمدة محدّدة ثم إلغاؤه بالتصرف فيه وعدم استمراره؟

هل يجوز للوكيل شراء ما وُكل على بيعه لنفسه؟

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5037)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

أوصى (ع)، بأن تكون قطعتَا الأرض المذكورتان في الوصية المرفقة صدقةً بعد وفاته، ووكَّل (ن)؛ ليقوم بصرف ثلث دخل القطعتين للفقراء والمساكين وطلبة القرآن الكريم والذاكرين، وكذلك له الحق في التصرف بأيٍّ من التصرفات القانونية الناقلة للملكية، من بيع أو مناقلة له فقط، على أن يضع الثَّمن في بيوت الله ومدارس القرآن الكريم، فكيف يثمن الوكيل قطعتي الأرض إذا أراد شراءهما؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فكون المتصدَّق عليهم مجهولين غيرَ معينين، قرينةٌ تدلُّ على إرادة التحبيس، قال خليل رحمه الله: “بِحَبَّسْتُ وَوَقَفْتُ وَتَصَدَّقْتُ إِنْ قَارَنَهُ قَيْدٌ أَوْ جِهَةٌ لَا تَنْقَطِعُ أَوْ لِمَجْهُولٍ وَإِنْ حُصِرَ” [المختصر: 212]، وشرط إمضاء الوصية أن تكون قدر ثلث التركة فأقل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللهَ أَعْطَاكُمْ ثُلُثَ أَمْوَالِكُمْ عِنْدَ وَفَاتِكُمْ زِيَادَةً فِي أَعْمَالِكُمْ) [السنن الكبرى للبيهقي: 12571]، فإن زادت على الثلث، فإنّها تكون موقوفةً على إمضاء الورثةِ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ) [الموطأ: 1495].

واتباع شرط الْمُوصِي من الأمور التي أوجبها الشرعُ، ما لم تخالفِ الشريعة، وكانت جائزة، وقد اشتهر عند الفقهاء قولهم: (نصّ الواقفِ كنص الشارع)، قال الخرشي رحمه الله: “وَاتُّبِعَ [وُجُوبًا] شَرْطُهُ [أَيِ الْوَاقِفِ] إنْ جَازَ [شَرْعًا]، يَعْنِي أَنَّ الْوَاقِفَ إذَا شَرَطَ فِي كِتَابِ وَقْفِهِ شُرُوطًا فَإِنَّهُ يَجِبُ اتِّبَاعُهَا حَسَبَ الْإِمْكَانِ إنْ كَانَتْ تِلْكَ الشُّرُوطُ جَائِزَةً؛ لِأَنَّ أَلْفَاظَ الْوَاقِف كَأَلْفَاظِ الشَّارِعِ فِي وُجُوبِ الِاتِّبَاعِ” [شرح الخرشي: 92/7].

واشتراط بيع الوقف ووضع الثمن في مدارس القرآن والمساجد معناه توقيت الوقف بمدة محدّدة ثم إلغاؤه بالتصرف فيه وعدم استمراره، وهذا جائزٌ، قال بهرام رحمه الله: “(وَلَا يُشْتَرَطُ التَّنْجِيزُ) أَيْ: وَكَذَا ‌َلَا ‌يُشْتَرَطُ ‌التَّأْبِيدُ فِي صِحَّةِ الْوَقْفِ؛ بَلْ يَصِحُّ أَنْ يُوقِفَ الشَّيْءَ مُدَّةً ثُمَّ يَجْعَلَهُ بَعْدَهَا مِلْكًا لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ، وَنَحْوُهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ، وَالْمَجْمُوعَةِ” [تحبير المختصر: 653/4].

والوكيل لا يجوز له شراء ما وكل على بيعه لنفسه، قال الدردير رحمه الله: “(وَ) مُنِعَ لِوَكِيلٍ وُكِّلَ عَلَى بَيْعِ شَيْءٍ (شِرَاؤُهُ لِنَفْسِهِ) مَا وُكِّلَ عَلَى بَيْعِهِ وَيُوقَفُ عَلَى إجَازَةِ مُوَكِّلِهِ وَلَوْ سَمَّى لَهُ الثَّمَنَ لِاحْتِمَالِ الرَّغْبَةِ فِيهِ بِأَكْثَرَ إلَّا أَنْ تَنْتَهِيَ فِيهِ الرَّغَبَاتُ” [الشرح الصغير: 512/3].

عليه؛ فلا يجوز للوكيل الذي وُكِّلَ على بيع شيءٍ أن يشتريه لنفسه؛ للتهمة بمحاباة نفسه في الثمن؛ ولاحتمال الرغبة فيه من غيره بأكثر مما اشتراه، إلّا أن يكون الشراءُ بعد تناهي الرغباتِ فيه، برسو المزاد في سعرها على أعلى الأثمانِ، ولم يعد هناك أملٌ بالزيادة فيه مِن أحد، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد العالي بن امحمد الجمل

أحمد بن ميلاد قدور

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

26//ربيع الآخر//1444هـ

21//11//2022م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق