طلب فتوى
الرهنالفتاوىالقرضالمعاملات

هل يجوز عقد الرهن مع اشتراط ملكه إن لم يُسدد الدين؟

غلق الرهن

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (4190)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

رهن شخص قطعة أرضٍ معلومة الحدود، لأحد أقاربه، مقابلَ مبلغٍ مالي قدره 2720 فرنكًا، لمدة ثلاث سنوات مِن تاريخ الرهن، كما في الوثيقة المرفقة، وذكر فيها أنه في حالة لم يسدد الدين حتى انقضت المدة فإنّ الأرض تصير ملكًا للدائن، فما حكم هذا الرهن؟ وهل يجوز لورثة المدين المطالبة بالأرض؟ علما أن المدين لم يسدد دينه إلى الآن.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن عقد الرهن مع اشتراط ملكه إن لم يسدد الدين لا يجوز، وهو من غلق الرهن المنهيّ عنه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ) [الموطأ:1411]، قال الباجي رحمه الله: “غَلْقُ الرَّهْنِ مَعْنَاهُ أَنْ لَا يُفَكَّ، يُقَالُ غَلِقَ الرَّهْنُ إذَا لَمْ يُفَكَّ، فَمَعْنَى التَّرْجَمَةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُعْقَدَ الرَّهْنُ عَلَى وَجْهٍ يَئُولُ إلَى الْمَنْعِ مِنْ فَكِّهِ” [المنتقى:5/239]، ثمّ للمرتهن إذا لم يقبض دينه أن يحبس الرهن حتى يستوفي حقه من الراهن، قال في التهذيب: “وَمَنْ لَكَ عَلَيْهِ دَيْنٌ إِلَى أَجَلٍ مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ، فَرَهَنَكَ بِهِ رَهْناً عَلَى أَنَّهُ إِنْ لَمْ يَفْتَكَّهُ مِنْكَ إِلَى الأَجَلِ، فَالرَّهْنُ لَكَ بِدَيْنِكَ، لَمْ يَجُزْ ذَلِكْ، وَيُنْقَضُ هَذَا الرَّهْنُ، وَلَا يُنْتَظَرُ بِهِ الأَجَلُ، وَلَكَ أْنْ تَحْبِسَ الرَّهْنَ حَتَّى تَأْخُذَ حَقَّكَ، وَأَنْتَ أَحَقُّ بِهِ مِنَ الغُرَمَاءِ، وَإِنْ حَلَّ الأَجَلُ وَالرَّهْنُ بِيَدِكَ أَوْ بِيَدِ أَمِينٍ، فَقَبَضْتَهُ أَنْتَ لِأَجْلِ شَرْطِكَ ذَلِكَ، لَمْ يَتِمَّ لَكَ مِلْكُ الرَّهْنِ فِيَما شَرَطْتَ فِيهِ، وَلَكِنْ تَرُدُّهُ إِلَى رَبّهِ مَا لَمْ يَفُتْ، وَتَأْخُذُ دَيْنَكَ، وَلَكَ أَنْ تَحْبِسَهُ حَتَى تَأْخُذَ دَيْنَكَ، وَأَنْتَ أَحَقُّ بِهِ مِنَ الغُرَمَاءِ”[التهذيب: 4/65].

وأما فيما يتعلّق بطريقة استيفاء الدين بالفرنك بعد إلغاء العملة وانعدامها، فالواجب هو ردّ قيمة الدين؛ لتعذر ردّ المثل، وتقدر القيمة يوم المطالبة بسداد الدين، قال الدردير عند قول خليل (أَوْ عُدِمَتْ فَالْقِيمَةُ): “وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْقِيمَةَ تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْحُكْمِ” [الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي: 3/46]، وكيفية معرفة القيمة في هذه الحالة – إذا كان أصحاب الدين يطلبونه الآن في الوقت الحاضر – أن يقال: كم كانت 2720 فرنك تشتري من السلع عروضًا أو حيوانات في ذلك الوقت، فإن قيل كانت تشتري عشرة من الشياه مثلًا، يقال: كم نحتاج الآن من العملة الرائجة في هذا الوقت لشراء عشرة من الشياه، فإن كانت خمسة آلاف مثلاً تكون هي قيمة الدين.

عليه؛ فلا يجوز للمرتهن أن يأخذ الأرض في نظير دينه، وله الحق في مطالبة ورثة المدين بسداد قيمة الدين، فإن امتنعوا من ذلك جاز له بيع الأرض واستيفاء حقه من ثمنها، فإن زاد ثمنها على قيمة الدين لم يجز له أخذ الزائد؛ لأنه لا حقَّ له فيه، بل هو من أكل أموال الناس بالباطل، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد ميلاد قدور

حسن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

08//ذو القعدة//1441 هجرية

29//06//2020م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق