هل يجوز للأبناء تقسيم ما يملكه والدهم في حياته على وجه الميراث بحجة المرض؟

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5076)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

والدُ زوجتي رجلٌ كبيرٌ في السن، وهو مريضٌ بالزهايمر وطريحُ الفراش، وأبناؤهُ عازمونَ الآن على قسمة الميراثِ قبل وفاته، بحجةِ أنّ والدهم في حكم الميتِ، فما حكم هذا الفعل؟ وإذا فعلوا ذلك، فكيف تتصرفُ زوجتي في نصيبها من الميراث، الذي سيعطونه لها؟ مع العلم أن أحد الأبناء لديه وكالة.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإنّ من شروط تقسيم الميراث موتُ الْمُوَرِّث حقيقةً، قال الصاوي رحمه الله في شروط الإرث: “… فَشُرُوطُهُ ثَلَاثَةٌ: تَحَقُّقُ حَيَاةِ الْوَارِثِ وَتَحَقُّقُ ‌مَوْتِ ‌الْمُورِثِ وَالْعِلْمُ بِالْجِهَةِ” [حاشية الصاوي: 712/4].

عليه؛ فلا يجوز للأبناء تقسيم ما يملكه والدهم في حياته على وجه الميراث، بحجة المرض؛ لأنّ ذلك من التعدي على مال أبيهم، وأكلهِ بالباطل؛ قال تعالى: ﴿وَلَا تَعْتَدُواْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ ‌الْمُعْتَدِينَ﴾ [البقرة: 190]، وقال تعالى: ﴿وَلَا تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾ [البقرة: 188]، ووكالة الابن تبطلُ بمرض الأب وفقدِ عقله، قال القرافي رحمه الله: “إِذَا جُنَّ الْمُوكِّلُ بَطَلَتِ الْوَكَالَةُ لِعَدَمِ أَهْلِيَّةِ الْمُوَكِّلِ” [الذخيرة: 164/7]، ويجب على السائل المعترضِ أن يمنعهم من نقل ملكية العقار لأحد الأبناء، وإذا نقلوا الملكية لأحدٍ منهم فيجبُ التبليغ عنهم، حتى لا يتصرف فيها بالقسمة، فإذا لم ينفع ذلك وتقاسمُوا الأرض، وأعطوا أختهم حصتها؛ فلا يجوزُ لها التصرف فيها، وتبقى موقوفة؛ لاحتمال موتها قبل والدها ولا ترثه، فإذا ماتَ الأب، وكان ما أعطي لها هو مقدارُ ميراثها؛ فلها التصرف فيها بعد ذلك، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد الدائم بن سليم الشوماني

حسن بن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

16//جمادى الآخرة//1444هـ

09//01//2023م