طلب فتوى
التبرعاتالفتاوىالمعاملاتالمواريث والوصاياالهبة

هل يجوز للوالد أن يقسم أملاكه في حياته بين أولاده بالتساوي؟

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (4993)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

أملِكُ بفضل الله خمسَةَ منازلَ متساوية المساحة، ومبلغًا من المال قدرُه مائةُ ألفِ دينار، ولي بنتانِ وثلاثة أبناء، فهل يجوز لي أن أقسم بينهم هذه الأملاك بالتساوي، بحيث يكون لكل واحدٍ منهم منزل وعشرون ألف دينار؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإنَّ قسمة الأملاك حالَ الحياة تعدُّ من قبيل الهبة، ويجوز للوالدِ أن يهبَ أملاكَه لأولاده حال حياته، إذا كان هناك مصلحة لقسمتها عليهم في حياته، كأن يخشى عليهم الخصومة والقطيعة لو تقاسموها ميراثا بعد موته، أو نحو ذلك، وينبغي له في حال قسمتها أن يقسِمَها على وجه العدل بينهم، بالتساوي، أو للذكر مثل حظ الأنثيين، وبكلّ من الحالتين في القسمة المذكورة قال بعض أهل العلم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (اتّقُوا اللهَ، وَاعْدِلُوا فِي أَوْلَادِكُم) [مسلم: 1623]، ويشترط لتمام الهبة حصولُ الحيازة من الموهوب لهم في حياة الواهبِ، قال ابن أبي زيد القيرواني رحمه الله: “وَلاَ تَتِمُّ هِبَةٌ وَلاَ صَدَقَةٌ وَلاَ حُبُسٌ إِلاَّ بِالْحِيَازَةِ” [الرسالة: 117].

والحيازةُ في كل شيء بحسبه، فحيازةُ العقار الموهوب تكون بتخليةِ الواهبِ له، وإفراغه من متاعِهِ وشواغله، وتصرُّفِ الموهوب له فيه تصرفًا يدلُّ على التملّكِ، كأن يحرثَ الأرضَ، أو يبنيَ عليها، أو يسكنَ الدار أو يُكْرِيَهَا، وما لم تتم الحيازة حتى حصلَ للواهب مانعٌ من فلسٍ أو موتٍ أو مرضٍ مخوفٍ متصلٍ بالموت؛ فقد بطلتِ الهبة، وصارتْ ميراثًا، يقتسمُه جميع الورثةِ حسبَ الفريضة الشرعية.

وعليه؛ فيجوز لك قسمةُ الأملاك بين أولادكَ على النحو الواردِ في السؤال، إذا أردت، وينبغي أن تُبْقِيَ لنفسك شيئا من المال في حياتك قد تلجئك الحاجة إليه، كمرض وتغيُّرِ أحوالٍ غير متوقعة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى) [البخاري: 1427]، والله أعلم.

وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد الرحمن بن حسين قدوع

حسن بن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

09//ربيع الأول//1444هـ

05//10//2022م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق