طلب فتوى
الأسرةالبيعالتبرعاتالفتاوىالمعاملاتالنكاحالهبة

هل يحق للزوجة أن تنفق من مالها الخاص دون علم زوجها ورضاه؟

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5173)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

هل يحق للزوجة أن تنفق من مالها الخاص دون علم زوجها ورضاه؟ وهل يحق للزوج أن يأخذ من مال زوجته دون علمها؛ للإنفاق على البيت؟ وما حكم تخبيب الزوجة على زوجها؟ ولمن تكون القوامة في البيت؟ وما حكم إنفاق الزوجة من مالها تبرعًا على رجال أجانب، دون علم الزوج؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن للزوجة أن تتصرفَ في مالها كما تشاء، بعوض كالبيع والإجارة ونحوها، إذا كانت تلك المرأة رشيدةً جائزةَ التصرف، قال ابن عبد البر: “وَبَيْعُ ‌الْمَرْأَةِ بِغَيْرِ إِذْنِ زَوْجِهَا جَائِزٌ فَإِنْ كَانَ فِي بَيْعِهَا مُحَابَاةٌ فَحُكْمُ الْمُحَابَاةِ حُكْمُ الْعَطِيَّةِ” [الكافي في فقه أهل المدينة:731/2].

وأخذ الرجل مال زوجته من غير رضاها هو من التعدي، وأكلِ أموال الناس بالباطل، وهو محرم، قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ [النساء:29]، والإنفاق على البيت ليس مبررًا للأخذ، بل الإنفاق واجبٌ عليه -أي: الزوج- من ماله الخاص.

والقوامة للرجل على زوجته، وعلى الزوجة طاعة زوجها في المعروف، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَصَّنَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ بَعْلَهَا، دخلت من أيّ أبواب الجَنَّةِ شَاءَتْ) [ابن حبان:4163]، وامتناعها من طاعته، محرّم، ويُعدّ فعلها نشوزًا وخروجًا عن الطاعة التي أمر الله بها، ولا يجوز لأهل المرأة دعم ابنتهم والوقوفُ بجانبها في عصيان الزوج، وفعلهم هذا مِن التخبيبِ، وهو محرّم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ خَبَّب زَوْجَة امْرِىءٍ أَوْ مَمْلُوكَهُ فَلَيْسَ مِنَّا) [أبوداود:5170]، والتخبيب: إفساد العلاقةِ بين الزوجين. والواجبُ على أهل الزوجة إصلاحُ ذاتِ بينهما، قال تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾ [الأنفال:1].

وأما تصرف الزوجة في مالها بعقود التبرعات؛ فهو مقيّد بالثلث، فإذا وهبت أو تصدّقت بزائد على ثلث مالِها دفعة واحدة، كان للزوج الحقّ في ردّ الجميع وإمضائه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (لَا يَجُوزُ لِامْرَأَةٍ ‌عَطِيَّةٌ ‌إِلَّا ‌بِإِذْنِ زَوْجِهَا) [النسائي:3757]، قال الدردير رحمه الله: “(وَلَهُ) أَيْ لِلزَّوْجِ (رَدُّ الْجَمِيعِ) أَيْ جَمِيعِ مَا تَبَرَّعَتْ بِهِ (إنْ تَبَرَّعَتْ) زَوْجَتُهُ (بِزَائِدٍ) عَلَى الثُّلُثِ، لَا إنْ تَبَرَّعَتْ بِالثُّلُثِ فَدُونَ: أَيْ وَلَهُ رَدُّ مَا زَادَ فَقَطْ أَوْ بَعْضَهُ وَلَهُ إمْضَاءُ الْجَمِيعِ” [الشرح الصغير: 3/ 404]، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد بن ميلاد قدور

حسن بن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

12//رمضان//1444هـ

03//04//2023م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق