طلب فتوى
التبرعاتالفتاوىالمعاملاتالهبة

هل يعدُّ التنازل صحيحًا شرعًا إذا كان بلا إشهاد؟

هل يشترطُ في صحة الهبة الإشهادُ على عقدها؟

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5044)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

تنازل أبي (م) عن قطعتي أرض، لأخوَيّ غير الشقيقين (خ)، و(ع)، فأعطى لكل منهما أرضًا، وكتبَ في ذلك ورقةً مختومةً، ولكن دون أن يكونَ هناك شهودٌ على التنازل، وتصرفَ الولدان في الأرضين بالبيع في حياة الوالد، ثم توفي الوالدُ، فهل يعدُّ التنازل صحيحًا شرعًا، إذا كان خاليًا عن الإشهاد؟ علما أني مقرّ بصحة الأوراق التي كُتب فيها التنازلُ، وصحةِ نسبتها للوالد.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإنّ مَن تنازل عن شيء من أملاكه دون مقابلٍ، يعدّ تنازله مِن قبيلِ الهبة، ومِن شرط تمام الهبة حصول الحيازة، قال ابن أبي زيد القيرواني: “وَلَا تَتِمُّ هِبَةٌ وَلَا صَدَقَةٌ وَلَا حُبُسٌ إِلَّا بِالحِيَازَةِ” [الرسالة:117].

والحيازة في العقارِ تكون حالَ حياة الواهب، بـ”وَضْع اليَدِ، وَالتَّصَرُّف فِي الشَّيْءِ الْمَحُوزِ كَتَصَرُّفِ الْمَالِكِ فِي مِلْكِهِ؛ بِالْبِنَاءِ، وَالْغَرْسِ، وَالْهَدْمِ، وَغَيْرِهِ مِنْ وُجُوهٍ التَّصَرُّفُ” [كفاية الطالب الرباني: 482/2].

ولا يشترطُ في صحة الهبة الإشهادُ على عقدها وأصلِ وقوعها من عدمه عند عدم وجود المنازع، وإذا حصل نزاع حول ما إذا حصلت الهبة أم لا، فعلى من يدّعيها أن يثبت ذلك بالبينة العادلة، قال ابن بطال رحمه الله: “الإشْهَادُ لَيْسَ مِنْ شُرُوطِ الهِبَةِ والصّدَقَةِ الّتي لاَ تَتِمُّ إلاّ بِهَا… وَلَوْ أَنّ رَجُلاً تَصَدَّقَ عَلَى أَحَدٍ بِشَيءٍ، وحَازَهُ المُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ دُونَ إِشْهَادٍ حتّى مَاتَ المُتَصَدِّقُ، فَأَقَرّ وَرَثَـتُهُ وَهُمْ بَالِغُونَ بالصدَقَةِ لَنَفَذَتْ، وإنْ كَانَ لَمْ يُشْهِدْ عَلَيْهَا فِي الأَصْلِ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ، وإنّمَا الإِشْهَادُ فِي الهِبَةِ كالإِشْهَادِ فِي البَيْعِ وَالعِتْقِ لِيُعْلَمَ ذَلِكَ” [شرح البخاري: 104/7].

وعليه؛ فإن التنازل المذكور يعدّ هبةً صحيحةً نافذةً؛ والإشهاد ليس شرطا أن يكون مكتوبا في عقد الإقرار بالهبة، إذا وُجد من يقرّ بأن ما نسب للوالد في الوثيقة صحيح، ويكون كالشاهد على خط المقِرّ، فيُحتاج معه عند الخصومة إلى شاهد آخر؛ لصحة الهبة، وفي حالة عدم وجود منازع، فالهبة صحيحة، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد الدائم بن سليم الشوماني

حسن بن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

12//جمادى الأولى//1444هـ

06//12//2022م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق