طلب فتوى
الشركةالفتاوىالمعاملاتالمواريث والوصايا

هل يمضي حكم تمليك شقة ورثة مخالف للشريعة من محكمة في دولة غير مسلمة؟

عقار موروث تم تمليكه حسب القانون البريطاني لأحد الورثة

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (4915)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

توفي ك في سنة 2017م، عن زوجة وابنين وأب وأم، وترك أملاكًا داخل وخارج ليبيا، حيث تم الاتفاق بين ورثته على تصفية تلك التركة، وتقسيمها على حسب الفريضة الشرعية، ووكل بالتصفية والد زوجة المتوفى، فقُسم ما كان منها مالًا، وحصل خلافٌ على شقتين؛ إحداهما في بريطانيا، والأخرى في طرابلس، حيث قام الموكل بالتصفية بنقل ملكية الشقة التي في بريطانيا إلى زوجة المتوفى، دون باقي الورثة، وحجّته في ذلك أن هذا التسجيل تم وفق القانون البريطاني، باعتبارها مسكنًا للزوجة، أما الشقة التي في طرابلس فلم تقسم إلى الآن؛ لأنّ والد المتوفى قام بتأجيرها، وقال إنه مستعد لتسديد مستحقات الزوجة من الإيجار، وشراء حقها في الشقة، أما حقُّ الأبناء فسيحتفظُ به، حتى يطمئن عليه من الضياع والتبذير، فما حكم هذه التصرفات؟ مع العلم أنّ الزوجة هي الوصي الشرعي المقدم من القاضي.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإنّ ميراث الميت ينتقل بموته إلى الورثة، ويجب على الورثة أن يبادروا إلى قسمة التركة، مِن حِين موت المورث، ولا يجوز لأحد من الورثة أن يتصرفَ في الميراث قبل قسمته، ببيع أو شراء أو كراء، أو نحو ذلك من أوجه التصرف، إلا إذا أذن له باقي الورثة، وفِعلُ ذلك يعدُّ من التعدي على حقوق الآخرين، ويقع باطلًا كل تصرف يترتب عليه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلمٍ إِلاّ بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ) [مسند أحمد:20695، وشعب الإيمان للبيهقي:5105].

وعليه؛ فإن كان الحال كما ذكر؛ فنقل الوكيل لملكية الشقة التي في بريطانيا للزوجة دون باقي الورثة يعتبر باطلًا؛ لأن القانون البريطاني لا يُعتدُّ به في إثبات الملك شرعًا، فالملك باقٍ للورثة، فإن أمكن تغيير الملكية وإدخال باقي الورثة، وكانت الشقة تقبل القسمة بين الورثة دون ضرر يلحقهم، فالواجب قسمتها إذا طلبه أحدهم، أما إذا تعذّر نقل ملكيتها للورثة، أو كانت الشقة لا تقبل القسمة إلا بضرر يلحق أحدَهم، بحيث لا ينتفع كلٌّ بنصيبه بصورة صحيحة، فإنها تؤجر ويقسم إيجارها حسب الفريضة الشرعية، وشقة طرابلس، إن لم تمكن قسمتها فإنها تباع ويقسم ثمنها، قال ابنُ فرحون رحمه الله: “والأَشْيَاءُ الّتِي لَا َتنْقَسِمُ، أَوْ فِي قِسْمَتِهَا ضَرَرٌ، يَجوزُ أَنْ يُجْبرَ عَلَى الْبَيْعِ مَن أَبَاه، إِذَا طَلَبَ الْبَيْعُ أَحَدُهُمَا”[تبصرة الحكام:214/2]، ومعناه أنه إذا تعذر البيع بسبب قانون جائر ونحو ذلك، وأمكن قسمة الإيجار فإنها تؤجر ويقسم إيجارها على الفريضة إلى أن يتأتى البيع، وعند البيع تكون الأولوية في الشراءِ للشريك في العقارِ، إذا أراد الشراء، وليس لوالد المتوفى حق التصرف في شقة طرابلس بالإيجار، ولا الاحتفاظ بحق الأبناء القصّر؛ لكونه ليس وصيًّا ولا مقدمًا من القاضي، ويلزمه دفع ما ينوبهم للوصية عليهم وهي الزوجة أمُّهم، قال الدردير رحمه الله: “…(لَا حَاضِنٍ) أَيْ كَافِلٍ (كَجَدٍ) وَأُمٍ وَعَمٍ فَلَيْسَ بِوَلِي عَلَى الْيَتِيمِ فَلَا يَبِيع مَتَاعَهُ مَا لَمْ يَكُنْ وَصِيًّا بِالنَصّ” [الشرح الكبير:300/3]؛ كما يلزمه تسديد ما استلمه من الإيجار لباقي الورثة، وقسمته على حسب الفريضة الشرعية، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد بن ميلاد قدور

حسن بن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

02//محرم//1444هـ

31//07//2022م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق