دية القتل الخطأ
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (2032)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
قُتل شخص عندنا في مدينة ككلة خطأً، فما هي دية القتل الخطأ، وهل يجوز لأهل الدم أن يصطلحوا على أقل من دية قتل الخطأ؛ ابتغاء الأجر والمثوبة عند الله؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن الدية في القتل الخطأ قدرها: (4250) جرامًا من الذهب الخالص، أو مقداره من المال، وذلك لما ثبت أن عمر رضي الله عنه فرض على أهل الذهب في الدية ألف دينار، وعلى أهل الورق اثنى عشر ألف درهم [أبو داود: 4252]، وهي واجبة على عاقلة القاتل، قال ابن الحاجب رحمه الله: “والدية على العاقلة إذا كانت خطأ أو في حكمه” [التوضيح على مختصر ابن الحاجب:273/6].
والعاقلة: هم أهل ديوان القاتل، وعصبته من قرابته وإن بعدوا؛ لقضاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه بذلك في محضر من الصحابة رضي الله عنهم، قال ابن الحاجب رحمه الله: “والعاقلة: هي العصبة, وألحق بها أهل الديوان لعلة التناصر…، ويبدأ بأهل الديوان, فإن اضطر إلى المعونة أعانتهم العصبة” [التوضيح:276،275/6]، قال ابن عبد البر رحمه الله: “وكانت الدية في الجاهلية تحملها العاقلة، وهم العصبة، فأقرها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانوا يتعاقلون بالنصرة، فجرى الآن على ذلك، فإن عجز عن سدادها أهل الديوان والعصبة ففي بيت مال المسلمين” [الروض المبهج:473/2].
ولأهل المجني عليه أن يصطلحوا مع الجاني، ولو بأقل مما ذكر، إذا رأوا ذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (وإن صالحوا فلهم ما أخذوا)، وقوله صلى الله عليه وسلم: (ما زاد الله عبدًا بعفوٍ إلا عزًّا) [مسلم:2588]، والله تبارك وتعالى يحب العفو، ويقول: )وَأَن تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى( [البقرة:237]، )فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ( [الشورى:40].
وليس للولي على القُصَّر التنازلُ عن حقهم في الدية؛ لأنه من تضييع حقوقهم، قال الدردير رحمه الله: “ولا يعفو الولي في عمد أو خطأٍ مجانا أو على أقل من الدية إلا لعُسر” [الشرح الكبير:301/3]، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد محمد الغرياني
محمد الهادي كريدان
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
12/ذو القعدة/1435هـ
2014/9/7م