الهبة بشرط إسقاط الميراث
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5588)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
والدِي يملك بعض العقاراتِ، ومنها أرضٌ تُقدر بـخمسة ملايين دينار، وقد باعَ مؤخراً عقاراً منها، ويريدُ إعطائي مبلغاً قدره (65) خمسةٌ وستون ألفاً، في مقابلِ التوقيع على التنازلِ عن حقي من الميراث مستقبلاً، فلم أرضَ بذلك، وامتنعتُ لكونه ظلماً في حقي، فغضبَ عليّ والدي، فما حكم تصرفي هذا؟ وهل هو من العقوق؟ مع العلم أنّ والدي قد فعل هذا مع أخواتي البنات فقط، دون الأبناء الذكور.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإنّ الهبة بشرط إسقاطِ الميراثِ باطلة، إذا كان الشرط مقترناً بها أو بوثيقتها، قال ابن أبي زيد القيرواني رحمه الله: “قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ، عَنْ مُطَرِّفٍ، وَابْنِ الْمَاجِشُونِ: وَمَنْ تَصَدَّقَ عَلَى ابْنِهِ الْكَبِيرِ بصَدَقَةٍ عَلَى أَنْ قَطَعَ بِهَا مِيرَاثَهُ مِنْهُ، فَإِنْ شَرَطَ ذَلِكَ فِي أَصْلِ الصَّدَقَةِ، فَالصَّدَقَةُ بَاطِلَةٌ” [النوادر والزيادات: 219/12].
عليه؛ فما فعله الوالد يعدّ من الهبة الباطلة، وهذا الفعل يعتبر من حرمان البناتِ من الميراثِ، وهو مِن عاداتِ الجاهليةِ، محرمٌ شرعًا، قالَ تعالَى: (لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا) [النساء:7].
وعلى الأب أن يتقي الله ويعدل عن هذا التصرف الظالم الذي يأخذ به حقوق بعض ورثته عمدا عدوانا ويعطيه لغيرهم، وللبنت الامتناع عن ذلكَ، ولا يعتبر ذلك مِن العقوق؛ لأنّ ما فعله الوالدُ معصيةٌ، ولا طاعةَ له في ذلك، وينبغي نُصح الوالدِ وبيانُ الحكم له، وما في فعلهِ من ظلمٍ وحرمانٍ للورثةِ من نصيبهم، الذي كتبهُ اللهُ لهم، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد بن ميلاد قدور
عبد الدايم بن سليم الشوماني
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
12/شوال/1445هـ
21 /04/ 2024م