طلب فتوى
الأسرةالطلاقالفتاوىالنكاح

انتقال الزوجة من عدة الطلاق إلى عدة الوفاة

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5633)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

طلقني زوجي أمام المحكمة، بقوله: أنتِ طالق، وهو طلاقُه الأولُ، وكان ذلك بتاريخ: 1/ 01 /2024م، وحكمتِ المحكمةُ بصحةِ الطلاقِ وثبوته، ثم توفي بتاريخ: 15/ 02/ 2024م، فهل تلزمني عدةُ الطلاق، أم عدةُ الوفاة؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإنَّ الطلاقَ الذي يوقعُه الزوجُ أمام القاضي رجعيٌّ، وإن حكمتِ المحكمة بثبوته وصحته، ولا يكون بائنًا، قال الدسوقي رحمه الله: “أَمَّا لَوْ أَوْقَعَهُ الزَّوْجُ فَإِنَّهُ يَكُونُ رَجْعِيًّا، وَلَوْ جَبَرَهُ الْقَاضِي عَلَى إيقَاعِهِ وَحَكَمَ بِبَيْنُونَتِهِ بِأَنْ قَالَ حَكَمْتُ بِأَنَّهُ بَائِنٌ” [الشرح الكبير: 2/352]، وللمطلقة طلاقًا رجعيًّا حكمُ الزوجة، فتستحقُّ السكنى، والنفقة، والميراثَ إن توفي عنها زوجُها في عدتها، قال ابن عبد البر r: “ولِلْمُطَلَّقَةِ الَّتِي يَمْلِكُ زَوْجُهَا رَجْعَتَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ، وَيَتَوَارَثَانِ مَا لَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ، فَإِذَا انْقَضَتِ الْعِدَّةُ وَقَعَتِ الْبَيْنُونَةُ وَسَقَطَتِ الْمُوَارَثَة” [الكافي: 2/518]، فإن توفي زوجها فعليها الانتقالُ مِن عدةِ الطلاقِ إلى عدةِ الوفاة، قال ابنُ الجلاب رحمه الله: “وَمَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ طَلَاقًا رَجْعِيًّا ثُمَّ مَاتَ عَنْهَا وَهْيَ فِي عِدَّتِهَا انْتَقَلَتْ إِلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ” [التفريع: 2/70].

وحيث انتقلت من عدة الطلاق إلى عدة الوفاة؛ فيسقط حقها في النفقة؛ لأن لها نصيبًا في الميراث، إلا أن تكون حاملا، ويستمر حقها في السكنى لأنها في عدة وفاة، وذلك إن كان الزوج قد دخل بها، وكان المسكن ملكا له، أو استأجره ودفع أجرته مقدمًا، قال ابن عاصم رحمه الله:

“وَفِي الوَفَاةِ تَجِبُ السُّكْنَى فَقَدْ *** فِي دَارِهِ أَوْ مَا كِرَاءَهُ نَقَدْ”

قال التسولي رحمه الله: “وَالْمعْنَى أَن الَّتِي توفّي عَنْهَا زَوجهَا وَهِي فِي عِصْمَتِهِ أَو رَجْعِيَّةٌ؛ تجب لَهَا السُّكْنَى فَقَط، كَانَت حَامِلا أم لَا، بِشَرْطَيْنِ، أَحدهمَا: أَن يكون قد دخل بهَا… ثَانِيهمَا: أَن يَكُونُ الْمَسْكَنُ مَمْلُوكًا لَهُ أَوْ نَقَدَ كِرَاءَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ” [البهجة في شرح التحفة: 1/622].

وعليه؛ فإن كان الحال كما ذكر؛ فإن الطلاق الواقع في المحكمة على الصورة المذكورةِ طلاقٌ رجعيّ، وحيث إنَّ الزوجَ توفي قبلَ انقضاء عِدَّة الطلاق؛ فطليقتُه داخلةٌ في جملةِ ورثتِه، وتستحقُّ نصيبَها حسبَ الفريضةِ الشرعيةِ، باعتبارِها زوجةً للمتوفى، وعليها أن تنتقلَ من عِدَّةِ الطلاقِ إلى عِدَّة الوفاة، ولها حق السكنى بشرطين، كما سبق، وعليها أن تعتدَّ مِن يومِ وفاته، أربعةَ أشهرٍ وعشرةَ أيامٍ إن لم تكن حاملًا، وإلا فعدَّتُها بوضع حَمْلِها، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد العالي بن امحمد الجمل

حسن بن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

13//ذو القعدة//1445هـ

21//05//2024م  

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق