طلب فتوى
الأسرةالطلاق

حكم طلاق المريض النفسي

حكم طلاق فاقد العقل والإدراك

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (4654)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

أخي مصابٌ بمرض نفسي، كما هو موضح في التقرير الطبي المرفق، أوقع الطلاق على زوجته مرتين، وبعدها توقف عن أخذ العلاج فساءت حالته، حتى إنه مزقَ عقد القِران وجلسَ في بيتهِ، ولم يخرجْ، وضربَ زوجته، وصدرت منه أفعالٌ تخريبية في البيت، وترك مؤنة زوجته وأبنائه، وبعدها طلبت زوجته حضورَ والدها، وجلسوا معه في بيته مع والدهِ، وألزموه بالطلاقِ، فطلقَ الثالثة وهو مدركٌ لها، وقد مضت تسعة أشهر على خروجها لبيت والدها، فما حكم ذلك الطلاق؟

الجواب:

الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإنّ العقل هو مناطُ التكليفِ والمؤاخذةِ بالأقوالِ والأفعال، فإذا كان المطلِّقُ يعِي ما يقول، ويقصدُ ما تكلمَ به، فالطلاق واقعٌ سواء كان مريضا نفسيا أو غير مريض، وأما إن كان المطلقُ شديدَ المرض وقت الطلاق، إلى درجةٍ لا يعي فيها ما يقول، ولا يشعر بما صدر منه؛ فالطلاق لا يقع؛ لأنه صار في حكم المجنونِ فاقدِ العقل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “رُفِعَ الْقَلَمُ عَن ثَلَاثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّغِيرِ حَتَّى يَكْبُرَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ أَوْ يَفِيقَ”[الترمذي: 142]، وفي المدونة: “قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ رحمه الله: مَا نَعْلَمُ عَلَى مَجْنُونٍ طَلَاقًا فِي جُنُونِهِ، وَلاَ مَرِيضٍ مَغْمُورٍ لاَ يَعْقِلُ، إِلاَّ أَنَّ الْمَجْنُونَ إِذَا كَانَ يَصِحُّ مِنْ ذَلِكَ، وَيُرَدُّ إِلَيْهِ عَقْلُهُ، فَإِنَّهُ إِذَا عَقِلَ وَصَحَّ جَازَ أَمْرُهُ كُلُّهُ، كَمَا يَجُوزُ عَلَى الصَّحِيحِ” [2/84]، وقد ورد في التقرير الطبي المرفق، أنّ المرض الذي يعاني منه المطلِّق هو انفصامٌ في الشخصية، وعصبيةٌ مفرطة، وأنه غير مقدّر لتصرفاته، وغير قادر على التحكم في ردود أفعاله أحيانًا.

عليه؛ فإن كان الزوج المريض وقت الطلقتين الأوليين لم يكن فاقد العقل، واعيا بما يقول فتلزمه الطلقتان، وإن كان وقت وقوع الطلاق غير مالك لأمر نفسه، ولا يعلم ما يقول فلا تلزمه الطلقتان، وأما الطلاقُ الأخير الذي ألزموهُ به فهو واقعٌ؛ لكونه مدركًا له، وبناء عليه فكون الطلقة الأخيرة تحرم عليه زوجته أو لا تحرم مترتب على حالته العقلية وقت وقوع الطلقتين الأوليين، فإن كان واعيا بالطلاق في ذلك الوقت فتحرم عليه الزوجة، لكونها قد طلقت ثلاث طلقات، وإن كان فاقدا للوعي وقت الطلقتين الأوليين ولا يدركهما، فاللازم له هو طلقة واحدة، وله حينئذ أن يرجع إلى زوجته بعقد وصداق جديد، والله أعلم.

وصلَّى الله على سيّدنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلَّم

 

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد العالي امحمد الجمل

حسن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

18//صفر//1443هـ

27//09//2021م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق